Main Newsاقتصاد

ودائع الشقق السكنية..البديل المربح

محمد عبدالله – خبير مالي


جوردن ديلي – في ظل بيئة مصرفية تصر على مواجهة التغير السريع من حيث ارتفاع أسعار الفائدة بالانكار والتجاهل لآثاره المدمرة على الاقتصاد والأفراد ، ولا يبدو انها على استعداد لبذل أي جهد لتدارك آثاره على المقترضين ، تبرز في الافق بدائل محتملة يمكن تطبيقها من قبل المقترضين والمودعين مباشرة دون توسيط المؤسسات المصرفية ، فيما يمكن اعتباره انتقالا الى نظام المقايضة عوضا عن استخدام النقد.

أن اكبر معاناة تواجه المواطنين المقترضين هي قروض السكنية التي تم رفع الفائدة عليها بما يزيد عن 60% من 6% سابقا الى ما يزيد عن 9.5% مع استمرار الرفع دون توقف ، الأمر الذي يجعل القسط المسدد للبنك بالكاد يغطي قيمة الفائدة فيما تبقى قيمة القرض الأساسي ثابتة أو تتناقص ببطء شديد ليصل عمر القرض الى ما يزيد عن عمر المقترض بعشرات السنوات، علما بأن البنوك وحتى نهاية عام 2022 كانت تحقق في معظمها ما يزيد عن 7% فائدة على التسهيلات الممنوحة لديها فيما تتكلف ما لا يزيد عن 2.5% في أقصاها فائدة على الأموال المودعة لديها أي ان أقلها يحقق هامش فائدة 4% على مجموع الأموال المودعة لديها.

وفي ظل هذه المعادلة ، وبالنظر الى أن معظم المقترضين السكنيين لا تتجاوز حجم قروضهم نصف قيمة العقار السكني المرهون للبنك ، فان هناك فرصة لتطبيق نظام المقايضة بالتملك لنصف العقار غير المسدد لمودع بدلا من الايداع لدى البنك وتسديد قرض السكن بهذه القيمة ، والنتيجة أن العقار السكني يصبح مملوكا مناصفة بين المقترض والمودع فيما يتمتع المقترض بحق السكن في العقار ويحصل المودع من شريكه المقترض على نصف قيمة الايجار المقدرة شهريا .

ان النتيجة هنا رابحة لكلا الطرفين المقترض والمودع ، فالأول المقترض تخلص من قرضه البنكي الذي اصبح لا ينتهي ويستنفذ نصف دخله وأصبح يدفع نصف ايجار فقط في سكن يمتلك نصفه ، والثاني المودع حصل على وديعة بشكل استثمار مضمون بتملك نصف السكن وعائد شهري يتمثل في نصف الايجار المقدر والمتفق عليه بين الطرفين ، والذي يشكل ما لا يقل عن 4% سنويا من قيمة وديعته وهو ما لم يكن يحصل عليه أصلا بوديعة البنك بالاضافة الى فرصة الربح الرأسمالي بقيمة نصف السكن الذي يملكه.

كمثال توضيحي فان مقترضا لمبلغ 40 الف دينار على شقة سكنية قيمتها 80 ألف دينار يتحمل حاليا فائدة 4000 دينار سنويا بسعر 10% فلو افترضنا ان قسطه الشهري 400 دينار فسوف لن يسدد اكثر من 800 دينار في أصل القرض سنويا تتزايد بواقع 100 دينار سنويا فقط مما يعني انه سيحتاج الى أكثر من 40 عاما للتسديد ، في حين أن القيمة الايجارية المقدرة لمثل هذه الشقة هو 300 دينار شهريا ، فلو تملك مودع نصف الشقة بديلا عن قرض البنك فسوف يحصل على 150 دينار شهريا أي 1800 دينار سنويا وهي 4.5% من قيمة التملك ، في حين يدفع المقترض الأول والذي يبقى منتفعا من السكن في الشقة مبلغ 150 دينار شهريا فقط بدلا عن 400 دينار للقرض سابقا اي انه يحقق وفرا في دخله الشهري 250 دينار وذلك مقابل تنازله عن تملك النصف الثاني من الشقة.

أن العملية السابقة سهلة وغير معقدة ويمكن لمكاتب محاماة تولي ربط العقود بين الطرفين فيما تكون الملكية مسجلة رسميا في سند التسجيل ، ويمكن تولي معالجة أي فروقات بين القيمة المقدرة للعقار والقيمة المدفوعة للنصف المودع عبر اقساط تضاف للايجار ، مما يدفع العملية بسهولة ويسر بين الطرفين.

أن هذه الفكرة هي واحدة من عشرات الافكار التي يمكن للخبراء الماليين ابتداعها وتقديمها للسوق لحل مشكلة تغول البنوك على المقترضين والمودعين لديها ، وادعاء عدم قدرتها على مواكبة ارتفاع أسعار الفائدة والذي لم يؤثر فعليا وعمليا على موازناتها المثقلة بالمصاريف التي لا علاقة للمقترضين ولا للمودعين بها، وسوف تؤدي هذه الافكار بالنهاية الى خروج رؤوس الأموال من النظام المصرفي الى أنظمة “مقايضة” بديلة مما سيجعل البنوك حقا في ضائقة لا سبيل للخروج منها.

Back to top button