كتب سلطان الحطاب
جوردن ديلي – يأتي لقاء اعضاء “صالون المئوية” الذي يوزع اخباره من خلال “تيار المواطنة” مع معالي رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف العيسوي بعد ترتيب انجزه معالي الدكتور حازم قشوع امين عام “حزب الرسالة”..
كان اللقاء في بيت الاردنيين جميعا الديوان الملكي يرعى اللقاءات منذ بناء قصر رغدان العامر في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث تعهد الامير عبد الله الاول الذي بُني رغدان في عهده حوارات ولقاءات عديدة مع الاردنيين الذين عرفوا الاحزاب وعرفوا مجالس الامة، كما عرفوا الحوارات وسجالات الشعر وحددوا مواقفهم من التحديات، وكان للمكان نفس الدور في عهد الملك الحسين الذي جعل من القصور الملكية وخاصة رغدان مكان للتفاعلات المستمرة واطلاع الاردنيين على شؤنهم، واقامة تشكيلاتهم السياسية والحزبية، ومراجعة الملك في كل الامور الصغيرة والكبيرة، فقد عرف هذا القصر مداولات تعريب الجيش ومواقف لشخصيات قياديه مثل رئيس الوزراء توفيق ابو الهدى والشهيد ابراهيم هاشم وغيرهم من الشخصيات القوية الصلبة التي على الاردنيين ان يعتزوا بها في سيرتهم..
تشيع هذه الأيام عدوى الحوار وهي العدوى المحببة النقيضة لعدوى الكورونا التي عطلت الكثير خاصة بعد ان اطلق الملك عبد الله الثاني للحوار اكثر من مسرب واتجاه تمثلت اخيرا في “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية” التي اختار الملك الرئيس سمير الرفاعي لقيادتها لتجري مراجعة جملة من القوانين الناظمة للحياة العامة كقانون الاحزاب والانتخابات وغيرها..
وقد تعهد الملك في رسالته الموجهة للرفاعي ان تكون خلاصة ما تتوصل له اللجنة نافذا و محميا، ويجد طريقه للتشريع والتداول والدخول الى الحياة العامة..
وقد تكون المرة الاولى التي يقدم فيها الملك ضمانة قاطعة للجنة من اللجان التي شكلها في ان تكون نتائج اعمالها برسم الاستفادة المباشرة فيها بقوله: ” وانني اضمن امام الاردنيين والاردنيات كافة ان نتائج عملكم ستتبناها حكومتي وتقدمها الى مجلس الامة فورا ودون اي تدخلات او محاولات للتغيير او التاثير”.
وهذا التأكيد واسبابه وشرح ذرائعة لم يكن لولا ادراك الملك لكافة جوانب الحياة العامة الاردنية واطلاعه على شكاوي الاردنيين وملاحظاتهم، وهو ما أكده رئيس الديوان يوسف العيسوي “أبو حسن” الذي قال انه سينقل لجلالة الملك الملاحظات التي توفرت في جلستنا، وهي الملاحظات التي قدمها شفاهه اعضاء الصالون الذين التقاهم العيسوي في الديوان يوم الجمعة 11/6..
جاء اللقاء الجمعة صدفة ودون تخطيط وكانت الاتصالات قد سبقت لقاء رئيس الديوان قبل ان تتشكل اللجنة الملكية للحوار..
احسسنا ونحن نتحدث بحضور رئيس الديوان حرص جلالة الملك على اضاءة الفضاءات الاردنية بالحوار، وان يجعل الفضاء الاردني عامرا بحوارات نافعة يقدم فيها الاردنيون افكارهم ومواقفهم دون ضغط او املاء ، و دون تدخلات او محاولات للتغيير او التاثير، ولعل استعمال هذه التعبيرات ودلالاتها في الرسالة الملكية يشير الى ان لدى المواطنين اعتقاد بممارسات من هذا القبيل تجعلهم يفقدون الثقة بما انجز.
في اجواء الالتزام والتأكيد على حق الحوار والوصول الى التضامن والتكافل والعمل العام بموجبه تأتي لقاءات رئيس الديوان الملكي مع “اعضاء صالون المئوية” لتكشف عن الرغبة الملكية العارمة في ان يكون كل الاردنيين في الصورة، وان يساهموا باآرائهم في حل مشاكلهم وبناء رؤية مشتركة..
فالحوار لا يلزم فقط في القضايا السياسية الكبرى التي تتصدى لها اكثر من جهة ابتداء من مجلس النواب والاعيان والشخصيات العامة، ومرورا بـ “لجنة الحوار الملكية” المشكلة حديثا، وانما ايضا كل اشكال الحوارات وعلى مختلف المستويات، طالما انها تصب في مجرى تسهيل حياة الاردنيين وتمكينهم من التعرف على واقعهم، وكيف يمكنهم التعامل كفريق واحد في مواجهة التحديات وتحويلها الى فرص..
أغدق علينا رئيس الديوان محبة و اريحية واستقبالاً و استمع الى مجموعة متنوعة من الاراء والمداخلات المتعلقة بالشأن العام قابلها بصدر رحب وترحيب، فقد ظل الرجل الذي عرفناه وفيا ومخلصا لايصال الرسائل الملكية وتصديرها والحرص على مضمونها دون زيادة او نقص، وكان موقع ثقه كما اثبتت الايام، وهذا ديدنه منذ كان عسكريا في القوات المسلحة وقبل ذلك بين اهله واقاربه ومعارفه، محبا للخير ساعيا بين الناس بالمصالحة والمودة، وقد عرف الكثيرون عن رئيس الديوان الملكي وخاصة ممن رافقوه في مسيرته منذ كان شابا، حيث ظل يتمتع بخبرة وحكمة الكبار، وكان يُندب لمهمات قد تكون حينها اكبر من سنّه، ولكنه كان ينجزها حتى أندب المهمات الكبيرة من خلال موقعه.. وهو اليوم إذ يستظل بتوجيهات الملك و يعمل رئيسا لديوانه فإنه ما زال يؤمن بالحوار والاخذ بالحقائق ومعالجة اي جوانب يعوزها العلاج ، وقد عرف عنه التسامح والتواضع والصبر والايمان بالحكمة مهما كان احتمالها مكلفا،ومثله “ومن أوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا” ..
في الساعتين اللتين التقينا فيهما رئيس الديوان وقد قيمنا اللقاء، فإن هذا الشكل من الحوار وهو ليس غريبا على الرجل ولا على المكان ولا حتى على التوجيه الملكي يظل مهما ويظل اساسا في بناء الافكار المشتركة في الحوار والشورى وتبادل الافكار والإحالة الى الخبرات وبيوت الخبرة والاستماع الى التجارب.. كل هذه المكونات تصنع قرارات صائبة اذا هي ادرجت في سياقها الموضوعي وكان الأمل الاستفادة منها ..
يستحق “ابو حسن” رجل الفكرة الصائبة والرجل الميداني النشيط الذي جعل للمبادرات الملكية العديدة اقدام تسيرعليها الشكر والتقدير ، وان يأخذ هذا التوجه عنده في الحوار مداه ليصب في الاطار العام الذي دشنه جلالة الملك في “اللجنة الملكية”..
يبقى ان “صالون المئوية” شأن كثير من المواقع الاردنية الاخرى العديدة التي نعلمها ولا نعلمها يشكل احد المنابر التي لابد ان يعلو صوتها ليحجب الاصوات الضارة والمتحشرجة والمشككة، فالحق أولى ان يتبع ، ونحن جميعا في سفينة واحدة يجب منع كل من يحاول خرقها او العبث بها مهما كان ذلك مكلفا ولو اقتضى ذلك ان نتحول الى حرّاس، نعمل حتى لا يؤتى من قبلنا، فهذه المسيرة التي قطعت الأجيال فيها مائة عام لم تكن سهلة ولا ميسورة، بل بنيت من خلال قيادة واعية وشعب مكافح وطني وقومي وعروبي ومؤمن، كابد الكثير ورأى ثمرة مكابدته وعمله في اجياله التي لا بد ان تواصل البناء والجد والعمل ، وان تحمي المنجزات الكثيرة التي لا يجوز التفريط بها..
كلام الملك في الرسالة الموجهة لرئيس لجنة الحوار دولة سمير الرفاعي غاية في الاهمية، والمفردات ذات دلالة عميقة بسبب الالتزام فلم نعد نملك ترف الوقت الذي يضيع قبل ان نقدم التشخيص الدقيق لواقعنا، ليس من اجل ان نحتفظ به كروشيتة نضعها في المسمار كما يفعل الصيدلي، وانما من اجل ان تصرف لتعالج كل جوانب الخطأ والخلل، وهذا ما دعا له جلالة الملك وما كرره امس على مسامعنا رئيس الديوان “القوي الامين” الذي أكد مرة اخرى ان الديوان هو بيت للاردنيين جميعا..