إحياء الأمم المتحدة ليوم النكبة…. معان ودلالات ؟
د فوزي علي السمهوري
جوردن ديلي – عند الحديث عن النكبة في ذكرى مرور 75 عاما التي حلت بالشعب الفلسطيني ولم يزل يعيشها ومعاناتها دون أي أفق يوحي بقرب إنهاءها لا يمكن لنا إلا أن نعود إلى جذرها المتمثل في قرار حكومة بريطانيا الإستعمارية بإصدار قرارها الإجرامي بإقامة دولة يهودية في فلسطين ذلك القرار المؤسس للنكبة والمعروف بوعد بلفور الصادر في 2 / 11/ 1917 والذي نفذته قوات الإستعمار البريطاني عن طريق :
• إحتلالها فلسطين بالقوة العسكرية .
• قيام القوات الإستعمارية البريطانية بالإستيلاء على الأراضي الفلسطينية لصالح العصابات الإرهابية الصهيونية وإرتكاب سلسلة لم تتوقف من إرتكاب جرائم القمع والقتل والإعدامات والتنكيل والإضطهاد والإعتقالات التعسفية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح .
• تمكين العصابات اليهودية الصهيونية بدعم ورعاية وحماية بريطانية من إرتكاب عشرات المجازر وتدمير مئات من المدن والقرى الأراضي الفلسطينية لصالح العصابات الإرهابية الصهيونية في حرب تطهير عرقي تشنها ضد الشعب الفلسطيني .
ايار عام 1948 :
اسفرت حرب الإبادة والتطهير العرقي التي قادتها بريطانية وربيبتها العصابات المسلحة الصهيونية الإجرامية بحق فلسطين وشعبها عن إعلان قيام ” إسرائيل ” في إنتهاك صارخ لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة وللشرعة الدولية الذي اسفر عمليا وبقوة السلاح عن إقتلاع وتهجير وطرد مئات الآلاف والذي يبلغ حاليا مع أصلابهم ما يزيد عن خمس ملايين لاجئ من ابناء الشعب الفلسطيني خارج وطنهم التاريخي ليعيشوا كلاجئين محرومين بذلك منذ 75 عاما من التمتع بابسط حقوقهم الأساسية المكفولة لشعوب العالم والشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من شعوب العالم بميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وبالعهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية من الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وبالعودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها والسيادة على ثرواته الطبيعية وغير الطبيعية .
الأمم المتحدة وإعلان 15 ايار يوم النكبة :
لتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم A / 77 / L /23 و A/ 77 / L /24 بإعتماد 15 ايار إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة أهمية ومعان ودلالات منها :
أولا : إقرار المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة بالظلم التاريخي غير المسبوق بالعصر الحديث الذي لحق بالشعب الفلسطيني من إغتصاب وطنه من قبل الحركة الصهيونية العدوانية وأدواتها من العصابات اليهودية الإرهابية قبيل عام 1948 ومن قادة تلك العصابات الإجرامية التي قادت وتقود الكيان الإستعماري الإسرائيلي الإحلالي العنصري الإرهابي .
ثانيا : فشل مخطط الإستعمار الدولي بعنوانه الإسرائيلي على مدى 75 عاما من تغيير وإذابة الهوية العربية الفلسطينية وفشلهم الذريع بالرهان على تخلي أجيالا جديدة لما يسمى سياسيا اللاجئين الفلسطينيين عن حقهم الأساس بالعودة تنفيذا للقرارات الدولية وعن إرتباطهم وإنتمائهم العقدي بمدنهم وقراهم في فلسطين وطنهم التاريخي مجهضين بذلك مقولة ورهان الصهاينة وداعميهم على مقولتهم المشهورة ” أن الكبار يموتون والصغار ينسون ”
ثالثا : فشل النظام العالمي القائم كنتيجة للحرب العالمية الثانية بترجمة وتجسيد وترسيخ الأمن والسلم الدوليين وإعلاء قيم المساواة والعدالة وحقوق الإنسان التي تتذرع بها الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بغالبيتها إلى واقع عالمي وما الإنحياز الأمريكي والأوروبي للكيان الإستعماري الإسرائيلي وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب وعدم الإضطلاع بواجباتهم كدول دائمة العضوية بمجلس الأمن ودول نافذة على الساحة العالمية لإعلاء سمو القانون الدولي وإتخاذ الإجراءات اللازمة لإلزام ” إسرائيل ” تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية إلا صورة مبسطة لذلك .
رابعا : رسالة غير مباشرة بتراجع النفوذ الأمريكي وبداية للتحرر من نفوذه مع قرب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب قد يكون أكثر عدلا وعدالة في حال توافر إرادة سياسية جادة لتشكيل جبهة عريضة تفرض نفسها ومصالحها في صلب النظام العالمي الجديد من موقع الفاعل لا التابع .
خامسا : تعاظم التنديد بالكيان الإستعماري الإسرائيلي الإرهابي لجرائمه وللإستمرار في إحتلاله الإرهابي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وبتعاظم الدعم الدولي للشعب الفلسطيني وحقه بالحرية والإستقلال وتقرير المصير .
المطلوب في ذكرى النكبة :
إحياء يوم النكبة في فعالية رئيسية باروقة الأمم المتحدة خطوة على الطريق الصحيح نحو الإنتصار الأممي لنضال الشعب الفلسطيني وحقوقه ولكن الشعب الفلسطيني يتطلع ويطالب المجتمع الدولي بترجمة دعمه المعبر عنها بمئات القرارات إلى خطوات عملية منها :
•وضع جدول زمني ملزم للكيان الإستعماري الإسرائيلي بتنفيذ القرارات الدولية بدءا من قرار مجلس الأمن رقم 2334 وصولا لباقي القرارات تحت طائلة فرض العقوبات بأشكالها المختلفة .
• الإعتراف بالدولة الفلسطينية تحت الإحتلال وفق الحدود المبينة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 بالرغم من ظلمه للشعب الفلسطيني ” قرار التقسيم ”
• مخاطبة أمريكا خاصة والدول الأوربية بلغة المصالح لحثها على الإلتزام بميثاق ومبادئ الأمم المتحدة دون إزدواجية وبعدم إستخدام الفيتو الذي حال ويحول دون الإعتراف بدولة فلسطين كدولة تتمتع بكامل حقوق العضوية في الأمم المتحدة .
• تأمين حماية الشعب الفلسطيني من جرائم المستعمر الإسرائيلي الإرهابي وميليشياته الإستيطانية وسياساته من مصادرة الأراضي وإقتحام المنازل وترويع المواطنين وتنفيذ جرائم الإعدام خارج القانون .
• العمل على تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة في حال إستمرار تعنّتها ورفضها إنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا تنفيذا للقرارات الدولية وإستخفافها بالمجتمع الدولي وتنكّرها لإلتزاماتها كدولة عضو الجمعية العامة .
ما تقدم من معان ودلالات تأتي كتعبير عن نجاح الدبلوماسية الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ورمزها الرئيس محمود عباس وثمرة لنضال الشعب الفلسطيني وثورته من أجل الحرية والإستقلال التي أطلقتها حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأول من كانون الثاني لعام 1965 اثبت انه مهما بلغت الضغوطات والمؤامرات لن يستسلم وسيبقى مناضلا بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى دحر الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي عن وطنه فلسطين وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
الحل العادل :
الحل العادل بالحد الأدنى يتمثل في إلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي تنفيذ قراري 181و 194 اللذان كانا شرطا لقبولها عضوا بالأمم المتحدة اي بكلمات واضحة :
— تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا لقرار الجمعية العامة رقم 194 ودون ذلك يعني إستمرار الصراع .
— تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181.
آن الأوان لبدأ كل دولة تؤمن بحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال أن تبادر ذاتيا بتجميد إن تعذر قطع العلاقات مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي وتخفيض مستوى العلاقات الإقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبية وغيرها من الدول التي تدعم العدوان الإسرائيلي الإرهابي وتابيده على أرض فلسطين .
إرادة الشعب الفلسطيني وإيمانه بحقه في الحياة الحرة الكريمة بوطنه ودولته المستقلة لن تضعف وسينتصر على العدو الإسرائيلي التوسعي الذي لا حدود لاطماعه وهيمنته غير المقصورة على فلسطين فحسب وإنما تنسحب على باقي الدول العربية تدريجيا…. فهذه أهداف يثبتها علنا إبن غفير وسوموتيرش ومعسكره بقيادة مجرم الحرب نتنياهو….. ؟!
لجم إسرائيل ومعاقبتها بات واجبا…. ودعم تقديم قادتها للمحكمة الجنائية الدولية للمحاسبة على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والمضي بشن حرب تطهير عرقي وحرب إبادة وإنتصارا للعدالة… ومحاسبة بريطانيا والكيان الإستعماري الإسرائيلي على جرائمهم بشن حرب تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني إبان الإنتداب ” الإحتلال الاستعماري” البريطاني لفلسطين…..بذلك يكون الإنتصار للشعب الفلسطيني إنتصارا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللقوانين الدولية و للإعلان العالمي لحقوق الإنسان…؟!