إشهار كتاب “عتاب يغلفه الغزل” في اتحاد الكتاب
جوردن ديلي – وسط حضور ثقافي لافت التقى فيه الجميع على عشق الحرف. وتالقه جمع من المثقفين وعشاق الأدب وعدد من أعضاء اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بهيئتيه ورئيسه أشهر في هذا الصرح الثقافي الكبير كتاب وسم بعنوان”عتاب يغلفه الغزل ” للكاتب د عادل جوده وكان قد بدأ الحفل بالشهادة الإبداعية التي تقدم بها د عبد الغني حجير لمؤلف الكتاب الأديب جوده.
وقد تميز الدكتور حجير وهو يستعرض السيرة الذاتية للكاتب جوده على شكل قصة مملوءة بالمشاعر الفياضة تجاه طفل صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره وهو يعلق حول عنقه حبلًا يتصل طرفاه بصندوق خشبي وفيه بعض الحلوآ والمكسرات ويجوب الشوارع بائعًا متجولًا، ثم ينطلق هذا الطفل متجاوزًا صندوقه إلى مرحلة متطورة من العمل أثناء دراسته في المرحلة الإعدادية إذ عمل في المطاعم يغسل الصحون، وفي معامل البلاط، وفي محطة مخيم عايدة لغسيل السيارات بالقرب من بيت لحم، كما عمل إلى جانب والده في معامل الحجارة.
ويواصل الدكتور حجير بأن طفل الصندوق الخشبي كبر حتى غاب عنه والده الذي ارتقى إلى الرفيق الأعلى أثناء دراسته في بداية الصف الثالث الثانوي، فيعيش حالة من الحزن الشديد، وعلى الإثر يترك دراسته، لكن صدمته لم تدم طويلًا، فعاد للدراسة فنجح في الثانوية العامة، ثم التحق بمعهد التدريب المهني في قلنديا ـ القدس، فحصل على دبلوم محاسبة وإدارة مكاتب، وعلى الفور وفقه الله بالتعاقد مع جامعة الملك سعود للعمل سكرتيرًا لإدارة شؤون الطلاب في كلية التربية، وبعد مشوار طويل من العمل عاد لمواصلة دراسته فحصل على البالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في لندن، والدكتوراة في إدارة الأعمال من جامعة باكنجهام.
ثم يشير الدكتور حجير للحاضرين إلى أن طفل الصندوق الخشبي هو فارس هذه الأمسية التي يحتفي بها “اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين”، إنه طفل الصندوق الخشبي الأديب الدكتور عادل جوده، الذي استطاع بجهده وعرقه وعزمه وتصميمه أن يتقلد العديد من المناصب الإدارية وأن يثري المكتبة العربية بالكثير من الكتب التي أصدرها وأهمها “سجل الطالب”، و”ومضات وجد”، و”اتفقنا أم اختلفنا”، و”بحر دير البلح”، و”رنة جوالك”، وديوان أخ يا فلسطين”، و”ديوان شاطئ المغيب”، وإصداره المحتفَى به “عتاب يغلفه الغزل”، بالإضافة إلى عدد غزير من المقالات المنشورة عبر الصحافة الورقية في عدد من الدول وكلها تزخر بالموضوعات المهمة والمتنوعة في قضايا السياسة والثقافة والأدب والتراث.
ومن ثم تفضل الأديب الكبير الشاعر عدنان السعودي بتقديم قراءته النقدية للكتاب، والواقع أنه أضاف لجمال الكتاب جمالًا من عبق أنفاسه ومن عذوبة أشعاره، فاستطاع أن يقف مع الحاضرين إزاء ما اشتمل عليه الكتاب من موضوعات وأفكار، مشيرًا إلى عنوان الكتاب الذي “جاء بطريقة تحمل فلسفة أدبية رفيعة المستوى فكان عتابًا يغلفه الغزل، ولم يكن عتابًا يغلفه الحب، ذلك أن الغزل لم يكن ليكون لولا الحب، فالحب في الأرض بعض من تصورنا، لو لم نجده عليها لاخترعناه”. ويضيف الشاعر عدنان قائلًا “لقد جمل الكاتب الأديب عادل جوده كتابه بآية من الكتاب العظيم حيث الفصاحة والبلاغة البالغة منتهى الدقة والجمال، وكلل الكتاب بحديث شريف لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن بر الوالدين”.
وحول تقديره للـمؤلَّفِ ومؤلِّفِهِ ضَمَّنَ الشاعر عدنان السعودي قراءته النقديةَ الماتعة قصيدة قال فيها:
إِنِّي رَأَيْتُ كِتَابًا فَائِقَ الْـجُمَلِ يُغْنِي اللَّبِيبَ أَطَايِيبًا مِنَ الْـمُثُلِ
قَدْ خَطَّهُ قَلَمٌ مِنْ عِطْرِ كَاتِبِهِ عِتَابَ قَلْبٍ وَأَنْدَاءً مِنَ الْغَزَلِ
يَا جُودَةَ الْـخَيْرِ أَنْتَ الْـخَيْرُ تَعْرِفُهُ يَا عَادِلًا عسَلًا يَرْوِيكَ مِنْ عَسَلِ
وَالشِّعْرُ يَحْلُو وَأَنْتَ الْوَرْدُ تَقْرَأُهُ يَا سَيِّدَ الْحَرْفِ إِنَّ الْحَرْفَ فِي عَجَلِ
إِنْ خَطَّ قَلْبِي إِلَى الْـمَحْبُوبِ أُغْنِيَةً فَالْقَلْبُ أَدْرَى بِحُبٍّ صَادِقٍ ثَمِلِ
إِنِّي أَرَاكَ كَبَدْرٍ وَسْطَ غَائِمَةٍ وَاللَّيْلُ أَزْهَرُ وَالْأَسْحَارُ فِي أَمَلِ
أَبَا عَلِـيٍّ وَفِي عَيْنَيْكَ أَوْسِمَةٌ عَدْنَانُ يَعْرِفُهَا تَشْفِي مِنَ الْعِلَلِ
ثم واصل الشاعر السعودي تناوُل موضوعات الكتاب واحدًا تلو الآخر واصفًا الكاتب بأنه يمتلك ناصية الأدب واللغة، ويمتلك سعة الاطلاع، وأنه نعم الأديب وأن ما يكتب لهو من جميل الأدب.
وقد أبهر الأديب الشاعر عدنان السعودي الحاضرين من الكتاب والأدباء والشعراء بأدواته الشعرية السامقة التي كان يستعرض من خلالها قدرات الأديب جوده في كتاباته بمختلف تنوعاتها السردية والنثرية والشعرية، وقد أفاض بحسه الأدبي العتيق باقتباسات متعددة من الكتاب المحتفَى به “عتاب يغلفه الغزل”.
ومن ثم تفضل الأديب الدكتور عادل جوده بتقديم شكره وامتنانه لاتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين وللأديبين الجليلين اللذين ازدان بهما المساء، وختم الأديب جوده بكلمة قال فيها:
“يا لهناء عيني وهي تكتحل برؤية أحبة يسكنون هذا الذي خلف أضعلي، ويا له من مساء باذخ تفوح جنباته بعطر المشاعر الجياشة لأصحاب فكر وثقافة وأدب، ويا له من مساء ألق يجمعنا في رحاب هذا الصرح الأدبي الشامخ؛ إنه اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين”.
هذا الصرح الأدبي الشامخ؛ الصادق في اعتماده للحرف النزيه المتسم بنقاء فصاحته وحسن بيانه، فلا حزبية فيه ولا التفات للون أو عرق أو جنس أو مذهب أو سن.
هذا الصرح الأدبي الشامخ؛ اللافت بأبوابه المفتوحة دومًا لذوي الفكر والثقافة والأدب دونما مجاملة أو محسوبيات.
هذا الصرح الأدبي الشامخ؛ الباذخ برعايته لأصحاب المواهب الحقيقية ممهدًا لهم الطريق ليأخذوا مكانتهم في ميادين الإنجاز والإبداع.
فطوبى لاتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، وطوبى للساهرين على أداء مهماته بأمانة وإخلاص في إطار الرسالة الصاعدة نحو تحقيق الأهداف المرسومة؛ وطوبى لكل صرح ثقافي يسير على دربه، وينتهج نهجه، وينجز منجزه.
ثم والله إنها لسعادة غامرة تهتز بها جوارحي إذ أفاض الإخوة الأكارم عليَّ بكل هذا البهاء بلسان أخي الدكتور عبدالغني حجير، وعلى كتابي بكل هذا الضياء بلسان أخي الشاعر عدنان السعودي، وما برع به الروائي القدير مراد سارة من إدارة متألقة لهذه الأمسية العطرة.
ثم أنهى الأديب جوده كلمته بقصيدة رومانسية مهداة لرفيقة دربه وأم أولاده التي حضرت الحفل رغم ما تعانيه من مرض، قال فيها:
مَـلَكِـــيَّــةُ الْـعَـيْـنَـــيْنِ وَالـشِّـــفَـةِ قَـمَرِيَّـــةُ الـْخَـــدَّيـْنِ سَـاكِنَـتِـي
أَسَـمِـعْتِ هَـمْـسَ اللَّــيْلِ لِلـسَّــحَرِ لَـكِ أَنْـتِ يَسْـمُو الْـبَـوْحُ غَـالِيَتِـي
أَسَـمِــعْتِ شَـــدْوَ النَّـايِ لِلْـقَـمَـرِ لَـكِ أَنْـتِ يَشْــدُو الطَّــيْرُ أُغْنِيَتِـــي
زَمَنٌ مَضَى مَـا غِبْتِ عَنْ بَصَـرِي فَــتَبَسَّــمِــي يَـا كُــلَّ أَوْرِدَتِــــي
هَـنِئَتْ بِـكِ الْأَهْـدَابُ وَالْـمُـقَـــلُ وَلِـكِ ارْتَقَتْ فِـي خَـافِقِـي لُغَتِــي
وَبِـكِ انْـتَهـَى كُـلُّ الـْجَـوَى أَبَـــدَا وَبِـكِ اعْـتَـلَـتْ أَصْــدَاءُ أُمْـنِيَتِـــي
فَـلَكِ الْـوَفَـا مَـا دَامَ بـِي نَـفَسِــي وَلَكِ الرِّضَـا فِـي كُـلِّ أَزْمِنَـتِـــي
نبارك للأخ الأديب الدكتور عادل جوده إصداره المميز، راجين له التوفيق والسداد، ونثمن له كلمته التي خص بها الاتحاد، مؤكدين أن هذا الاتحاد ما وُجد إلا ليرتقي عاليًا بالأدب والأدباء، وستبقى أبوابه مشرعة أمام أصحاب الفكر والثقافة والأدب.