الإرهاب.. هل تغير المفهوم؟
الدكتور : صبري الربيحات
جوردن ديلي – العالم الذي عاش كابوسا مرعبا على مدار العام الماضي يشعر بشيء من الانفراج بعدما وجد بعض الأمل في المطاعيم وتخلص من غطرسة ونفوذ القيادات التي تنكر بعضها لجميع القواعد والأسس التي حكمت العلاقات الدولية على مدار العقود السبعة الماضية.
وسط الكثير من الفوضى واللايقين الذي عاشته العديد من أقطار العالم العربي والأزمات التي تتوالد بسرعة تفوق القدرة على الاستجابة لها يغادر ترامب البيت الأبيض بعدما اعتقد البعض أنه سيقود انقلابا على الديمقراطية ويرفض تسليم السلطة للرئيس المنتخب.
مع انتهاء مراسيم التنصيب ودخول الرئيس جو بايدن للبيت الأبيض، تجاوزت الولايات المتحدة عقبة رئيسية كادت أن تغير مسار الحكم وتهز التقاليد التي حكمت الانتقال السلمي للسلطة في إحدى أقدم الديمقراطيات الغربية التي يتطلع لها العالم.
الخطاب التاريخي للرئيس الجديد والمضامين التي حملها أعادت للأميركيين الثقة بقدرة نظامهم السياسي على الاستمرار وإصرار أبنائه على إنهاء الصراعات التي ولدها التعنت والمكابرة والغرور. على امتداد الكرة الأرضية وقاراتها، يتطلع الناس الى الانتقال غير السلس للسلطة وتأكيدات الرئيس الجديد الإصلاح لكل ما اتخذته الإدارة السابقة من قرارات أسهمت في عزل وتنحية الولايات المتحدة الأميركية عن الأحداث وإبعادها عن الأدوار التي طالما قامت بها نيابة عن العالم الحر.
في الولايات المتحدة وبلدان العالم، هناك مراجعات جذرية تطال كل شيء؛ الوحدة الوطنية والديمقراطية والعنصرية والانتخابات والصلة التي تقيمها الدول مع جيرانها وبين مكوناتها وشركائها الاقتصاديين وأعضاء الأحلاف والمنافسين الاقتصاديين وأتباع الديانات الأخرى والعالم.
الأزمات التي عاشتها الإنسانية بسبب “كورونا” والاتهامات التي تبادلتها الدول حول الفيروس وانتشاره وتقصير الحكومات في اتخاذ الإجراءات الوقائية الكافية
وظهور قيادات ذات نزعة تسلطية أدت الى حدوث تحولات كبيرة في طرق التفكير والتقييم والتصنيفات التي طالما أخذ بها الجميع دون تساؤل أو اعتراض.
الاجتياح الذي قام به أنصار ترامب لعاصمة الولايات والاقتحام الذي نفذه الأتباع المتشددون لبيت الأمة وأكثر معاقل ورموز الديمقراطية في العالم الغربي، أثار الكثير من الأسئلة ودفع الناس في الولايات المتحدة والعالم للتساؤل عما إذا ما كانت الديمقراطية التي ألفناها والأدبيات التي تداولناها عن الحرية والمساواة والحق وسيادة القانون ستتغير وفيما اذا كان العالم سيبقى مؤمنا بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة في قيادة العالم على مدى ما يزيد على سبعين عاما.
التعريفات التي نحتتها الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني للإرهاب وشيطنة الجماعات والأحزاب والقوى التي لا تتفق مع مخططاتها وأفكارها كانت الأسباب الكامنة وراء تصوير المسلمين كإرهابيين، فقد ألصقت بهم كل الأفعال البشعة واعتبروا الأعداء الألد للديمقراطية. من القاعدة الى إيران ومن حزب الله الى الحوثيين وكل من يبدي اهتماما بالدين أو يبدو كمكون لجنسيته الثقافية عانوا من التجريم والملاحقة والمنع من الزيارة للولايات المتحدة.
الحديث الدائر في الولايات المتحدة اليوم عن الفئات التي اقتحمت العاصمة وأشهرت السلاح وسلبت موجودات الكونجرس يضيف الى التعريفات الأميركية للإرهاب مكونا جديدا يسمى “الإرهاب الداخلي”. المطلوب من الولايات المتحدة اليوم أن تعيد تعريف الإرهاب وإلغاء الوصمة الجاهزة التي بقيت لصيقة بالعروبة والإسلام. من غير المقبول أن يبقى الأميركيون يصنفون الجماعات العربية والإسلامية بالإرهابية ويتناسون ما حدث في مجتمعهم وفي عاصمتهم وبدعم من رؤسائهم.
الغد