كتب : الدكتور حسان محمد العسوفي
باحث في المركز الوطني للبحوث الزراعية
جوردن ديلي – ما من شك إن العالم اليوم يواجه العديد من التحديات بقطاع الغذاء، كالتغيرات المناخية، وشح الموارد المائية المتاحة ، وتدهور في التنوع (البيولوجي) الحيوي ، وزيادة في هدر الغذاء وغيرها من المشاكل التي يبدو أنها تتزايد بسبب تداعيات أزمة (كورونا) ، الأمر الذي يتطلب إيجاد الحلول المبتكرة والناجعة لتلبية الاحتياجات الغذائية لكل سكان العالم في الحاضر والمستقبل.
وأصبح استخدام التقنيات و التكنولوجيا الزراعة الحديثة، و الاعتماد على الاستدامة، والحفاظ على التنوع الحيوي أمراً في غاية الأهمية لتحقيق الأمن الغذائي عالميا ومحليا.
وتساهم دراسة التباينات الوراثية والتنوع في المحاصيل الزراعية والمحافظة عليها ضمن مجمعات وراثية ودراسة خصائصها وميزاتها الإنتاجية وتأقلمها مع الظروف المناخية وغيرها ضرورة وطنية ملحة في الوقت الحاضر.
وللمركز الوطني للبحوث الزراعية دورا بارزا في إعداد وتنفيذ الدراسات الهادفة للحفاظ على التنوع الوراثي والحيوي كموروث وطني .
وإيمانا بأهمية الأمن الغذائي للحاضر والمستقبل وأهمية التنمية الزراعية وحاجتيهم لحفظ واستخدام الموارد الجينية سواء المتوفرة أو الفريدة منها, فقد عمل المركز الوطني للبحوث الزراعية ومنذ تأسيسه على دراسة العديد من الأصول والأباء البرية لبعض المحاصيل وتأسيس بنكا وراثيا للبذور وإنشاء المجمعات الوراثية للأشجار المثمرة كالتفاح واللوز والزيتون والصبر وغيرها. وجميع هذه المجمعات تعتبر مشاريع وطنية تهدف للحفاظ على المادة الوراثية ودراسة خصائصها البستانية واستدامتها. منها على سبيل المثال مجمعا وراثيا للتفاح في الشوبك يشمل أكثر من ستين صنفا درست خصائصها البستانية وتحملها للظروف البيئية والآفات الزراعية فضلا عن أهميتها الإنتاجية والرغبة التسويقية كما وتعتبر بيئة بحثية مناسبة لإجراء الدراسات والأبحاث من المهتمين في المجال البحثي. وقد اصدر المركز كتيبا كدليل إرشادي للتعريف بهذه الأصناف وخصائصها ,استفاد منه مجموعة كبيرة من المزارعين والمهتمين.
وقدمت الدراسات البحثية بالمركز الوطني للبحوث الزراعية نتائج مجدية وذات قيمة وطنية من خلال دراسة التباينات الوراثية وعلى المستويين الشكلي والجزيئي (DNA ) للعديد من المحاصيل كالرمان والزيتون وغيرها.
وأشارت النتائج لوجود تباينات وراثية ذات قيمه لمحصول الرمان تعود لمئات السنين في محافظة معان وان هذه الموارد الجينية وتباينها ساعدت في تكيفها مع ندرة الموارد كالمياه وغيرها . وأكدت دراسات وطنية بحثية أخرى أن مركزية نشوء الزيتون في الأردن عبر العصور, وان صنف ” ألمهراس ” /الهاشمية (جرش) من أقدم السلالات بمناطق البحر المتوسط وحسب تحليل الخرائط الجينية.
كل هذه الدراسات وغيرها من الجهود الوطنية التي يبذلها المركز الوطني للبحوث الزراعية في مجال دراسات التنوع البيولوجي والمحافظة علية كإنشاء المحميات ودراسة الغطاء النباتي وغيرها فضلا عن التوعية المجتمعية بأهمية التنوع الحيوي ومساهمته في الأمن الغذائي واستدامة الحياة تعتبر ركائز أساسية ودروس مستفادة في الحفاظ على هكذا موروثات.
جهود وطنية كبيرة تبذل بهذا المجال على مستوى الوطن تحتاج للدعم والرعاية للمحافظة على الكثير من موروثاتنا الحيوية والبيئية وبشكل مستدام.