محمد عبدالله – خبير مالي
جوردن ديلي – في بيئة مصرفية متنامية بالحجم والأداء والربحية تتنعم مجموعة من البنوك بأرباح مستقرة ونمو مضطرد في أحجام الودائع والتسهيلات ، وبتناغم فريد تحقق في معظمها أرباحاً مجزية حتى بعد اقتطاع هيكل المصروفات المرتفع نسبياً من حيث المزايا والمنافع الممنوحة لكوادرها الكفؤة والتي لا تدخر جهداً ولا خبرة في الحفاظ على هذه المنظومة المصرفية الرائدة، وتطوير عملها بالاتجاه الصحيح.
وفي ظل تغير هيكل أسعار الفائدة عالمياً ومعاناة معظم اقتصاديات العالم من التضخم ومعاناة الاقتصاد الأردني من ازدياد البطالة والركود الاقتصادي العام، فإنه يبدو من غير المحتمل أن تستطيع البنوك الابقاء على الزخم السابق لنموها وربحيتها والتي ستتعرض حتماً لضعوطات هائلة قد يصعب لقاعدة رأسمالية من حقوق الملكية بحدود 10% فقط أن تتحملها فضلاً عن تجاوزها.
وهنا تبرز أهمية مسارعة البنوك في توقع الأزمات وابتداع الحلول الاستباقية سواءاً لمواجهتها أو التخفيف من آثارها لتجاوزها بالحد الأدنى من الخسائر ، وهنا نتكلم عن مشكلة المتعثرين والذين يتجاوز عدد المطلوبين منهم 150 ألفاً والذين يشكلون حالياً حزءاً أساسياً من تعطل الحركة الاقتصادية الشاملة ، وبالضرورة فإن أي مساهمة في حل مشكلتهم ستقود الى دقع العجلة الاقتصادية الى الأمام وتجاوز احتمال بروز أزمات تابعة لها أو نابعة منها لاحقاً.
وفي هذا المجال فإن البنوك في مجموعها تستطيع أن تخصص ما لا يزيد عن 15% فقط من أرباح السنة السابقة 2022 للمساهمة في تأسيس بنك مشترك بملكية تساهم فيها كافة البنوك كل بنسبة حصته حسب قيمة الأرباح المقدمة لرأسمال هذا البنك الجديد والذي يمكن تسميته “بنك التكافل الوطني” حيث يتوقع أن لا تقل مساهمة البنوك في رأسماله عن 150 مليون دينار ، وتكون مهمته مالية اجتماعية بحتة وهي تفعيل إطار مصرفي لحل وتذويب مشكلة المتعثرين المطلوبين عبر شراء أصل قروضهم من دائنيهم ، واعادة جدولتها عليهم دون فوائد للسداد وفق وضع كل منهم.
يتوقع أن يحتاج هذا البنك الى 100 مليون إضافية لرأس المال يقترح إضافتها مساهمة حكومية تكون بديلاً عن بناء السجن الجديد المقترح بقيمة 70 مليون دينار فيما تشكل الـ 30 مليون الباقية تكلفة نزلاء هذا السجن لمدة عام واحد فقط ، ليصبح رأسمال البنك 250 مليون دينار.
وبالطبع سيقدم هذا البنك خدمات الإيداع بمنتجات ودائع تخدم أغراضه وهي حسابات مصرفية وشهادات إيداع صفرية العائد من مودعين هدفهم المساهمة في دعم أغراض البنك الاجتماعية ، والتي يتوقع أن تصل الى مضاعف أو اثنين من رأسمال البنك اي من 250 الى 500 مليون من الودائع ليصل حجم أصول البنك الى 750 مليون دينار.
وبالطبع فإن تشغيل مثل هذا البنك يحتاج الى بنية تحتية وتشغيلية كاملة قد يقول البعض أنها ستستنفذ رأسماله وهنا يمكن تجاوز ذلك بخلق البنك كمؤسسة ظل مستقلة تعمل داخل أنظمة أي من البنوك القائمة حالياً لاستخدام بنيته التحتية بالكامل كونه ليس منافساً لأي من البنوك المساهمة فيه وذلك مقابل بدل لا يتجاوز 1% من حجم عملياته.
ان المعلومات الأولية المتاحة حول حجم مشكلة المتعثرين المطلوبين يشير الى ما يزيد عن 155 ألف مطلوب مالي منهم 100 ألف مدين اقل من 5000 دينار مما يشير الى حجم أساسي لا يتجاوز 250 مليون دينار بأصل الدين ، و 35 الف مدين بين 5 الاف و 20 الف وهذا يصل أيضا الى حجم اساسي يقارب 250 مليون أيضا ، والباقي 20 ألف مدين ما فوق 20 ألف دينار وهو ما يقارب 250 مليون أخرى. وهذه الأرقام يستطيع هذا البنك تغطيتها بسهولة من تركيبته الأساسية من ودائع خيرية صفرية الفائدة ، وتسهيلات تعيد ما لا يقل عن 150 ألف متعثر الى المساهمة في عجلة الإقتصاد والتنمية الاجتماعية.