تَعْرِفُ البشرية إذا أن تتكلمَ لغةً واحدة..
القس سامر عازر
جوردن ديلي – لم نَصحُ بعد من هول الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا بعنف وتبعه ألف هزة إرتدادية لتاريخه وأثّر على الجارة سوريا فحصد لغاية الآن ما يزيد عن الثلاثين ألف شخص وعشرات الآلاف من المصابين، وصدَق من أسمى هذا الزلزال بزلزال القرن الذي بثوانٍ معدودة حوّل كل شيء إلى دمار وهلاك، لدرجة أن بعض التعابير التي تمّ تناقلها على وسائل التواصل الإجتماعي تقول: “نجا من مات ومات من نجا”، وهذا نراه في دموع الشاب الذي نجا وفقد أسرته وعائلته بالكامل وبقي وحيداً ومن شدة حسرته ولوعته مات أيضاً، ومن تيسَّرَ له البقاء على قيد الحياة سيموت ألف مرّة.
كذلك ونحن ما زلنا نشاهد آثار الدمار والخراب وهول المنظر ما زالت عيوننا دامعة وقلوبنا حزينه، وقد هبّ الكثيرون لتقديم العون ولنجدة الجرحى والمصابين والناجين خصوصاً وقد زاد من معاناتهم برودةُ الطقس والإرتماء في العراء، وفقدان أعزاء على قلوبهم، بعضهم ربما قد يكون ما زال حاليا تحت الأنقاض، مع أن الفرص تضاءلت الآن، حيث تمكنت فرق الدفاع المدني من شتى أرجاء العالم أن تنتشلهم بفرح غامر، فقوى الحياة أقوى من قوى الموت، وتبقى النفس البشرية أثمن ما في الوجود.
ولأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه هبت كوادر الدفاع المدني والطواقم المعنية بالإسعاف إلى الأماكن المتضررة في سوريا وتركيا في مدّ يد العون والمساعدة الإنسانية، وكأنَّ الجميع أصبح يتكلم لغة واحدة رغم إختلاف ألسنتهم وجنسياتهم وأعراقهم وأديانهم ومعتقداتهم، إلا أنّ اللغة التي سادت بينهم هي لغة الإنسانية التي وحدّت قلوبهم وركزّت مساعيهم على عمليات إنقاذ النفسِ البشرية حتى ولو كان رضيعاً كذلكَ الطفل حديث الولادة التي توفّت والدته فور ولادته تحت الإنقاض وتم إنقاذه.
إذا، تقدر البشرية أن تتلكم لغة واحدة متى شاءت، ولكن لماذا لا تظهر هذه اللغة إلا بالأزمات والكوارث، وبعيداً عن ذلك فلغة العالم اليوم هي لغة الإقتال والنزاع والصراع والخصام. أما آن الآوان أن يصحوَ العالم ليتكلم لغة السماء وهي “على الأرض السلام وبالناس المسّرة”، فمسّرة الله ببني البشر المتقّين الله حقاً والممتلئين بالرحمة والإنسانية والمتكلمين لغة المحبة النابعة من قلب الله.
في هذا المقام فإننا نحيي كوادرنا الأردنية المشاركة في عمليات الإنقاذ والإسعاف بتوجيهات ملكية سامية، ونفتخر بأنَّ كوادرنا هي من الكوادر المؤهلة دوليا لإحترافيتها وتميّزها في الأداء وهي من الفرق القليلة على مستوى العالم وتحمل العلامة الزرقاء الشارة الدولية لفرق البحث والإنقاذ المصنفة دولياً بهذا الإختصار SAR (Search and Rescue) أي البحث والإنقاذ.