كتب:نضال الزبيدي
جوردن ديلي – ما بين الإدانة والشجب والتعبير عن القلق والشعور بالإسف،خرجت المواقف العربية والدولية المنددة بفعلة الصهيوني المتطرف ايتمار بن غفير وتدنيسه ساحات المسجد الاقصى،خجولة ولا ترقى بمجملها لخطورة الوضع.
“حكومة عنصرية متطرفة”، بحسب وصف أغلب المحلليين السياسين،بعضهم نعتها بإنها “أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ اسرائيل”. المفارقة ان رئيس الحكومة اليميني المتعجرف والملاحق بقضايا وتهم فساد،بنيامين نتينياهو ،يعتبر “الاكثر إعتدالاً” في حكومة غلاة المتطرفين المتدينين من امثال بن غفير ، سموتريتش ، غالانت ودرعي.
هي حكومة حرب،حيث لا تقيم وزناً لقرارات الشرعية الدولية، ولا لحل الدولتين، وتسعى لتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية والجولان والجليل. الغريب في الأمر، ان اغلب الدول التي صرحت بعدم قبولها لهذه التشكيلة الغريبة منذ البداية،غيرت تصريحاتها بعد تشكيل الحكومة، قائلة: انها ستحكم عليها من افعالها وحملت رئيسها كاملة المسؤولية عن تصرفات وافعال اعضائها مستقبلاً.
الاصل ان تقوم تلك الدول بمقاطعتها وعدم التعامل معها.في العام 2006، فازت حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، حيث قامت الدنيا ولم تقعد وقاطعتها أغلب دول العالم “المتحضر” بحجة انها حركة سياسية دينية متطرفة.أين الديمقراطيات الغربية، اليوم من هكذا حكومة اسرائيلية دينية متطرفة؟!.نفس الشئ حصل لزعيم حزب الحرية النمساوي المتطرف يورغ هايدر والذي قتل في حادث سير بعد ان ارغم على ترك الحياة السياسية بسبب افكاره “النازية”.
الاردن، أكبر المتضررين من هكذا عبث سياسي يُدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار وفوضى، لا يعلم الا الله مآلاتها.الملك عبدالله الثاني حذر قبل أيام في حديثه مع محطة CNN من”انهيار كامل” في حال اندلعت انتفاضة جديدة وان “لدينا خطوط حمراء، وإذا ما أراد أحد تجاوز هذه الخطوط الحمراء، فسنتعامل مع ذلك”.
بالمقابل، الطرف الآخر في المعادلة الاسرائيلية، او ما يطلق عليهم بـ “المعتدلين “،هم ضعفاء ومشتتين، بالرغم من الدعم غير المحدود المقدم لهم من اطراف عربية ودولية، الا انهم لم يستطيعوا مجابهة تيار صهيوني شعبوي جارف، متمثل بإحزاب دينية وقومية متطرفة ستجر المنطقة والعالم الى مزيد من عدم الاستقرار والدمار.
الادارة الامريكية الطرف الاقوى لممارسة الضغوط على اسرائيل، يبدو انها تقف عاجزة عن المبادرة، إما تماهياً مع المشروع الصهيوني أو انها لا تقوى على مجابهة اللوبي الصهيوني الامريكي،القوي والمتأصل في مفاصل الحياة السياسة الامريكية والموجه لسياستها الخارجية.
ولكن الى متى سيستمر هذا الموقف الامريكي الباهت في التعبير عن قلقه أو اسفه في احسن الاحوال؟!الرهان اليوم ، على الشعوب،حيث بدأنا نلحظ تبدلاً في المزاج العام تجاه القضايا الانسانية ونصرة المظلومين، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في كشف زيف الادعاءات الاسرائيلية، بعيداً عن سطوة ورقابة القنوات التلفزيونية المنحازة لإسرائيل،التي تسبح بحمد اسرائيل صباحاً مساء.الشعوب وحدها قادرة على اجبار الحكومات على تغيير سياساتها والوقوف مع الحق في مواجهة آخر احتلال على وجه الارض.
القضية الفلسطينية ينبغي ان تقدم للعالم على انها قضية انسانية لا قضية العرب والمسلمين وحدهم.
إزاء ذلك كله، لا يمتلك الاردن ترف الوقوف صامتاً تجاه التهديدات التي يطلقها بن غفير وزمرته المتطرفة بخصوص ضم الاغوار وتوسيع المستوطنات وقتل الفلسطينيين وتشريدهم عبر خطة ” ترانسفير” الى الاردن بهدف خلق واقع جديد على الارض تكون كلفته عالية على الاردن، فضلاً عن عدم احترام تلك ” الزمرة المتطرفة” للوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
المجابهة، هي خيار الاردن الوحيد في مواجهة هذه الحكومة المتطرفة ورئيسها المتغطرس ،على ان يتم اسنادها بموقف عربي ودولي موحد،لا يقبل التردد او التسويف،وبضرورة عدم التعامل معها قطعيا، اذ ان كل يوم يمر من عمر هذه الحكومة،هو بمثابة شريان تاجي يمدها بالدماء، ويطيل في عمرها، لتدمر وتنهب وتهجر وتسفك الدماء.