جوردن ديلي – بعد أسابيع من انخفاض أسعار أسهم البنوك الإقليمية الأمريكية، التي انهار بعضها في الأشهر القليلة الماضية، خضعت ممارسة البيع على المكشوف مرة أخرى للتدقيق مع دعوات لمزيد من الإشراف التنظيمي على هذه الأداة الاستثمارية.
وفي رسالة إلى العملاء خلال شهر مايو، جادلت شركة محاماة كبرى في وول ستريت بأن لجنة الأوراق المالية والبورصات يجب أن تفرض حظرًا لمدة 15 يومًا على تداولات البيع على المكشوف لأسهم المؤسسات المالية.
كما دعا “جيمي ديمون”، الرئيس التنفيذي لبنك “جيه بي مورجان”، المنظمين إلى النظر في سلوك البائعين على المكشوف، والذين حققوا مليارات الدولارات من اقتراض وبيع أسهم البنوك الإقليمية مؤخرًا.
البيع على المكشوف، هو استراتيجية استثمارية يقترض فيها المستثمر أسهمًا من حاملي الأسهم الأصليين، عندما يتوقع انخفاض أسعارها في المستقبل، ومن ثم يبيعها بأسعارها الحالية قبل أن يشتريها ليردها مرة أخرى بعد انخفاض قيمتها.
كانت المرة الأخيرة التي يحظر فيها المنظمون ممارسة البيع على المكشوف في الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية لعام 2008، عندما كان “جيم أوفردال” كبير الاقتصاديين في لجنة الأوراق المالية والبورصات.
كانت وجهة نظر اللجنة باستمرار، هي أن هذه الممارسة تلعب دورًا مهمًا في تعزيز جودة السوق ومساعدة المستثمرين، من خلال المساهمة في اكتشاف الأسعار والسيولة وإدارة المخاطر وخفض التكلفة الإجمالية للتداول وزيادة رأس المال.
يقول “أوفردال”، إنه بناءً على تجربته، فإن أي تدخل تنظيمي جديد لحظر البيع على المكشوف سيكون “خطأً فادحًا”، مضيفًا أن الحظر الذي تم في عام 2008 كان خروجًا عن رأي اللجنة المألوف.
استُخدمت سلطة الطوارئ لحظر ممارسة البيع على المكشوف في 799 سهمًا من أسهم القطاع المالي في الولايات المتحدة، وما يزيد على 900 سهم إجمالًا خلال الأزمة المالية.
كانت عمليات الحظر، جزءًا من نهج “الصدمة والرعب” الذي اتبعه وزير الخزانة آنذاك “هنري بولسون” في التعامل مع الأزمة، وجاء ذلك وسط مخاوف من أن البيع على المكشوف يتسبب في تقلبات مفاجئة ومفرطة لأسعار أسهم المؤسسات المالية.
كان هدف “بولسون” هو تغيير تصورات المستثمرين، وتعزيز الثقة، وتحقيق الاستقرار في الأسواق، ومنع الانخفاض المفرط في أسهم القطاع المالي، وفي النهاية رفع الحظر بعد ثلاثة أسابيع من فرضه.
خضعت آثار الحظر للدراسة على نطاق واسع من قبل عدد من الباحثين الأكاديميين في لجنة البورصات والأوراق المالية، والذين عكسوا صورة لسياسة “فشلت بوضوح في كل الاختبارات”.
فشل الحظر في إبطاء انخفاض أسهم القطاع المالي، وتضرر العديد من المشاركين في السوق دون أي فائدة من شأنها موازنة الاضطرابات التي حدثت، وأظهرت الدراسات أن الحظر نجح في شيء واحد، وهو تراجع نشاط البيع على المكشوف بشكل كبير بالنسبة للأسهم المتأثرة.
كشفت الدراسات أن الفرضية التي قام عليها الحظر (أن عمليات البيع على المكشوف كانت أكثر كثافة من مبيعات أولئك الذين يمتلكون أسهمًا ويرغبون في التخلص منها بشكل طبيعي) كانت مخطئة.
صحيح أن اسم ممارسة البيع على المكشوف كان حاضرًا مع كل اضطراب وتراجع حاد لأسعار الأسهم مؤخرًا، لكن ربما لم يكن هو السبب، حيث أظهرت الدراسات أن البيع على المكشوف للأسهم المالية كان أكثر كثافة خلال الأسواق الصاعدة وليس الهابطة.
علاوة على ذلك، وجدت الدراسات أن الحظر جاء بنتائج عكسية، حيث أدى إلى تدهور شديد في جودة السوق من خلال زيادة تقلب أسعار الأسهم على أساس يومي، وتقليل السيولة، وتقليل كفاءة التسعير وزيادة تكاليف التداول.
أدى ذلك إلى استبدال أدوات أخرى للرهان على هبوط الأصول، مثل مقايضات حقوق الملكية أو مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وتسبب في النهاية في ضغوط بيعية إضافية على الأسهم المالية.
أخيرًا، توقفت العديد من الصناديق المتداولة في البورصة والتي تعتمد على البيع على المكشوف عن إصدار أسهم جديدة، وكانت النتيجة هي تداول العديد من الصناديق بعلاوة على صافي قيمة أصولها نظرًا لعدم إنشاء أسهم جديدة لتلبية الطلب.
دفعت مجموعة الأدلة التي توثق الآثار الضارة لحظر عام 2008، المسؤولين الحكوميين والمنظمين في ذلك الوقت، إلى استنتاج أنه جاء بنتائج عكسية، واعتبره رئيس لجنة البورصات آنذاك “كريستوفر كوكس” أكبر خطأ ارتكبه.