ارآء
خوفي على الصحة.. ممن؟
الدكتور زيد حمزه
جوردن ديلي – حديثنا اليوم عن أولئك الذين أصابهم اليأس منذ انتكاستنا النسبية (غير المفاجئة!) في مقاومة الجائحة بعد نجاحٍ استمر طوال الشهور الأولى على الأقل، لا لكي ألومهم على هلعهم بل على اجتهاداتهم المتسرعة القائلة بأن إنقاذ النظام الصحي (الموشك على الانهيار في نظرهم) لا يحتاج لأكثر من قرار من سطرين بأمر دفاع (!) يقضي بتسليم المسؤولية عن مقاومة الوباء لقوة تنفيذية اخرى غير وزارة الصحة ولم يتورعوا عن طرح اسم الجيش لهذه المهمة ظنّاً منهم انهم بذلك يحرجون أي صاحب رأي مخالف يمكن ان يناقشهم ويفنّد وجهة نظرهم، رغم ان الجيش نفسه حسب تقاليدنا الدستورية العريقة الممتدة طوال تاريخنا السياسي لم يخرج يوماً عن مهماته الاساسية التي يقوم بها خير قيام في الدفاع عن الوطن، وقد أكسبنا ذلك احتراماً عالمياً في منطقة عجّ تاريخها بخلط السياسي بالعسكري!
إن الانتكاسة التي نواجهها اليوم ليست كارثة غير قابلة للتصدي والدرء فجهازنا الصحي ما زال متماسكاً بل أقوى وأكثر خبرةً وهو الذي عرفناه يواصل القيام بواجبه بقيادة وزارة الصحة عبر عشرات السنين الماضية بكفاءة عالية رغم مخصصاته المالية المتواضعة في اغلب الأحيان، فكيف تسمح أخلاقنا بطعنه في الظهر واقتراح قطعِ حبلِه السُّري عن احدى أهم وظائفه في الرعاية الصحية الأولية ألا وهي مكافحة الأوبئة!
ألم نتعلم من تاريخنا غير البعيد حين مرَّر اصحاب المصالح الخاصة في غياب البرلمان قانونا مؤقتا قضى بنزعِ مستشفيات وزارة الصحة من شبكتها المتكاملة مع المراكز الصحية وضمِّها لمستشفيات الخدمات الطبية الملكية ومستشفى الجامعة ووضْعِها جميعا تحت إمرة هيئة مستقلة؟ وكيف كانت النتائج مأساوية رغم الإنفاق الباذخ عليها عبر ثلاث سنوات قاسية شهدت تدهوراً في حالة المستشفيات التي ضُمَّت والجهات الأساسية التي نُزعت منها، إلى أن جاء مجلس النواب الحادي عشر وألغاها.. كما يأتينا اليوم من يطالبون بفصل لجنة الاوبئة عن وزارة الصحة وإلحاقها بجهة أخرى؟
وكأنهم غافلون عن كونها جزءًا لا يتجزأ من كتلة كبيرة متراصّة من الكفاءات العاملة والمتخصصة في وزارة الصحة نذكر في طليعتها فرق التقصّي الوبائي الباسلة، وبالطبع تتعاون معها باقتدار وإخلاص اجهزة صحية وغير صحية اخرى من القطاعين، ولا تدّعي لجنة الأوبئة هذه أنها بلا أخطاء بل تعلن على الملأ أنها تصحح بين الحين والآخر مسارها مسترشدةً كذلك بتوجيهات منظمة الصحة العالية ومستفيدةً من تجارب الدول حول العالم؛ تلك التي نجحت وهي قليلة، والأخرى التي فشلت وهي كثيرة وبعضها متقدمة جداً وغنية جداً على رأسها أميركا التي مازال استهتار رئيسها ترمب وسخريته من أجهزته الصحية المختصة يربكها حتى بلغت إصاباتها الأوج!
وبعد.. لقد قلت مراراً: خوفي على الصحة في بلدي ممن يتدخلون في شؤونها.. وهم لا يفقهونها.!
الرأي