شرم الشيخ..بين الإنحياز الأمريكي والحقوق الفلسطينية
د فوزي علي السمهوري
جوردن ديلي – البيان الختامي لإجتماع شرم الشيخ جدد على السياسة الأمريكية المنحازة للكيان الإستعماري الإسرائيلي وإنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
كما اكد البيان الختامي أن الموقف الأمريكي لم يزل لا يقر بميثاق وقرارات الأمم المتحدة بمجلسيها الجمعية العامة ومجلس الأمن كمرجعية قانونية وحقوقية للإنتصار للشعب الفلسطيني عبر إتخاذ إجراءات جادة وملموسة لإلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري بإنهاء إحتلاله الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا من الغالبية الساحقة للدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة تنفيذا لعشرات القرارات الدولية الداعية لذلك.
الإنحياز الأمريكي في البيان الختامي :
القارئ للبيان الختامي يخلص بما لا يدع الشك مدى الإنحياز الأمريكي مضمونا لصالح ” إسرائيل ” وإن حاول تغليفها بإطار شبه متوازن نظريا كما ورد في البند الأول من البيان للعوامل التالية:
أولا : البيان الختامي في مقدمته قدم التخفيف من حدة التوترات على الأرض بين الفلسطينيين والإسرائيليين بهدف تمهيد السبيل أمام التوصل لتسوية سلمية على السبب الرئيس والوحيد بتقويض الأمن والسلم والمتمثل في إرتكاب سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي مختلف أشكال الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وإستمرار إحتلاله الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة خلافا لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للشعب الفلسطيني حقه بالحرية وتقرير المصير كما تحظر إحتلال اراض دولة اخرى بالقوة فزوال الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري للدولة الفلسطينية كفيل بتحقيق الأمن والإستقرار طويل المدى .
ثانيا : وصف البيان الختامي لإجراءات سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي من مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتدمير المنازل والإمعان بإرتكاب جرائم إعدام خارج القانون والإعتقالات التعسفية وتدمير المنازل وترويع المواطنين الفلسطينيين وحماية إقتحامات وجرائم عصابات المستوطنين الإرهابية بحق المدنيين من ابناء الشعب الفلسطيني وشن حرب تطهير عرقي وحرب إبادة في ظل سياسة ممنهجة وما حرق عشرات المنازل في حوارة إلا نموذج مبسط لتلك الجرائم بالإجراءات الأحادية إلا دليل على الإنحياز الامريكي الأعمى دون أدنى إحترام للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني .
ثالثا : الإنحياز الأمريكي بل وإمكانية وإحتمال ممارسة ضغط على الأطراف العربية المشاركة للموافقة على النص الوارد في البند الثاني من البيان الذي ينص على “وقف مناقشة أي وحدات إستيطانية جديدة لمدة 4 شهور ووقف إصدار تراخيص لأي نقاط إستيطانية لمدة 6 شهور ” بديلا عن إلغاء أي موافقات سابقة ووقف البناء في أي أرض فلسطينية وخاصة المحتلة إثر عدوان حزيران 1967 تنفيذا وإحتراما لإتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر إجراء أي تغييرات جغرافية وديموغرافية وتشريعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
رابعا : البند الثالث ينص ” أكد الجانبان مجددا على إلتزامهما الراسخ بكافة الإتفاقيات السابقة بينهما. .. كما سيعملان معا من أجل تحقيق هذا الهدف ” فهل مفهوم هذا النص يعني موافقة سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي على تنفيذ إتفاق أوسلو الذي تنصلت بموجبه من تنفيذ إلتزاماتها على مدار ثلاث عقود ؟ وهل امريكا ضمنت إلزام ” إسرائيل ” بذلك ؟
خامسا : البند الرابع نص على “إستحداث آلية للحد من والتصدي للعنف والتحريض والتصريحات والتحركات التي قد تتسبب في إشتعال الموقف. ..إلخ ” فهل هذا يشمل تصريحات مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره بأن الضفة الغربية من نهر الأردن هي أرض إسرائيل وان لا مجال لدولتين غرب نهر الأردن ؟ وماذا يعني تصريح مجرم الحرب سوموتيرش في باريس بعد ساعات قليلة من إعلان شرم الشيخ الذي ينفي وينكر وجود للشعب الفلسطيني أليس ذلك تحريضا وعنصرية ؟ فهل من مساءلة لمن يطلق مثل هذه التصريحات الإستعمارية والعنصرية والمحرضة على المضي بإرتكاب مختلف أشكال الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ووطنه ؟ فأين امريكا من ذلك ؟
سادسا : البند السادس من البيان الختامي ينص ” إتفقت الأطراف على إرساء آلية لإتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين الأوضاع الإقتصادية للشعب الفلسطيني طبقا لإتفاقيات سابقة بما يسهم بشكل كبير في تعزيز الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية… إلخ ” لم يشر هذا النص إلى السبب الحقيقي بصعوبة وتراجع الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية المتمثل في :
• عدم تنفيذ الكيان الإستعماري الإسرائيلي لإلتزاماته المترتبة وفق إتفاق أوسلو سياسيا وإقتصاديا وصولا لإنهاء إستعماره لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وعاصمتها القدس .
• سطو وسرقة حكومة المستعمر الإسرائيلي على أموال الشعب الفلسطيني التي تقرصنها بحكم إحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وحرمانها من السيادة على معابرها .
• رفض سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية منح الحكومة الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في إتفاق أوسلو ومنذ إبرامه وحتى الآن حرية بناء إقتصادها المستقل وحرية التبادل التجاري من إستيراد وتصدير خاصة مع ومن الأردن دون قيود أو إشتراط لموافقة إسرائيلية مسبقة .
سابعا : البند السابع من البيان تضمن تأكيد الأطراف على :
• الإلتزام بعدم المساس بالوضعية التاريخية القائمة للأماكن المقدسة في القدس فعلا وقول
• التأكيد على الوصاية الهاشمية / الدور الخاص للملكة الأردنية الهاشمية
• على “ضرورة أن يتحرك الإسرائيليون والفلسطينيون بشكل فاعل من أجل الحيلولة دون حدوث أي تحركات قد يكون من شأنها النيل من قدسية تلك الأماكن بما في ذلك خلال شهر رمضان والذي يتواكب خلال العام الحالي مع أعياد الفصح لدى المسيحيين واليهود ”
من المفهوم أن تتحرك سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي للجم ومنع إنتهاكات المستوطنين للمسجد الأقصى ولكن فيما يتعلق بتحرك الفلسطينيين فهذا نص غير واضح بل ملغوم مما يتطلب موقفا فلسطينيا واردنيا لتوضيح ذلك و للتصدي لهذا النص الذي قد يفهم منه السماح لليهود باعيادهم إقتحام المسجد الأقصى دون إعتراض من المسلمين ومنع ذلك .
• أما البند الثامن الذي ينص على ” أهمية إستمرار عقد الإجتماعات في إطار هذه الصيغة ، فضلا عن تطلعها للتعاون بهدف وضع أساس لإجراء مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم ” .
هذا النص والتطلع للتعاون قد يعني أن تحقيق السلام لم يعد رهنا بإحترام ” إسرائيل ” لمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية الداعية بإنهاء إحتلالها لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
الرد الإسرائيلي على البيان :
لم يتأخر رد حكومة مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره على البيان على لسان :
• المجرم مرآة نتنياهو سوموتيرش من باريس الذي ينكر وينفي وجود الشعب الفلسطيني الذي يمثل دعوة لأتباعه وللمتطرفين وللعصابات الإجرامية للمضي بشن حرب تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني .
• لم يكتفي رمز الإجرام تلميذ نتنياهو بذلك بل تعمد الوقوف إلى جانب خارطة لكيانه العدواني الإستعماري المصطنع تبين أن فلسطين والأردن تشكلان “دولة إسرائيل ” في تعبير واضح وفضح لمخططات الحركة الصهيونية عبر إدارتها الكيان الاسرائيلي دون أي إحترام ليس فقط لميثاق الأمم المتحدة بل وللمعاهدة الأردنية الإسرائيلية في رسالة واضحة عل لدول دائمة العضوية بمجلس الأمن أن تضطلع بدورها لعزل هذا الكيان المارق الذي لا يحترم أيضا معاهداته الثنائية وينقلب عليها عند أول منعطف يراه مناسبا لتحقيق أهدافه العدوانية التوسعية .
الدبلوماسية الفلسطينية :
بات من الواضح أن امريكا منحازة والحل يتمثل في العمل على الدعوة لمؤتمر دولي تنفيذا لإستراتيجية الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني التي عرضها مرارا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وأمام مؤتمرات عربية وإقليمية .
بعد عدم إلتزام إسرائيل بمضمون البيان سواء عبر إقتحام المناطق الفلسطينية وإقتحام المسجد الأقصى أو عبر التصريحات التي نقلتها قناة الحرة الأمريكية عن وزراء إسرائيليون يؤكدون” أن تفاهمات التي تم التوصل إليها في شرم الشيخ غايتها إعلامية وان نتنياهو إتفق مع الإئتلاف الحاكم لمواصلة بناء مستوطنات جديدة ” بات من الأهمية لمصداقية امريكا أن تتخذ موقفا عقابيا جادا بحق ” إسرائيل ” على الصعد السياسية والإقتصادية والدولية وان تكف عن حماية هذا الكيان الذي بات بسياسته يشكل تهديدا للمصالح الأمريكية وللامن القومي الأمريكي على المدى البعيد .
الشعب الفلسطيني مستمر في نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى نيل الحرية والإستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله تعالى.