عبيدات يكتب: لا للجوائز ولا لفحوص الذكاء!

الدكتور ذوقان عبيدات

---

جوردن ديلي – لاءتان يرفعهما حسني عايش في كتابه الجديد المعنون “بلا للجوائز واختبارات الذكاء” وقد سبق أن رفع لاءات عديدة قبل ذلك، مثل لا للرسوب، لا للامتحانات العامة، وغيرها.

كما رفعت أنا قبل يومين عشر لاءات للسماح للإبداع وبناء بنية إبداعية في ندوة بالمجلس العربي للموهوبين.

وبحسب رأي حسني عايش، فإن مواقف تربوية عديدة يجب مواجهتها بلاءات صادقة، ويستغرب كيف سيطرت هذه المواقف، لتصير بديهيات ومسلمات في عقول المعلمين والمجتمع.

كان من أبرز هذه اللاءات:

لا للجوائز في المدارس والمنازل، وأنا أشاركه الرأي في جميع ما ذهب إليه في هذا الكتاب، حيث حدد الأسباب التي تجعله وتجعلني نرفض هذه الجوائز.

1. إن المدرسة السلوكية وخصوصًا – سكنر – الذي يوحد بين سلوك الأميبا وسلوك الإنسان، حيث الفرح للتعزيز الخارجي، وربط السلوك الإنساني بحوافز خارجية: مكافآت، جوائز … إلخ.

٢. إن الجوائز كحوافز خارجية تقتل الدوافع الداخلية للتعلم، وتقضي على متعة التعلم، حيث يصبح التعلم من أجل الجائزة.

٣. إن الجوائز هي رشوات وتهديدات، وفق مبدأ الثواب والعقاب، فلا قيمة للحرية الإنسانية ولا الاختيار ولا المسؤولية الذاتية ولا الضمير الإنساني.

٤. إن تقديم جائزة لطفل أمام مئات الأطفال، قد يُسهم في حفزه واستحسانه لحظة، لكنه بالتأكيد سيترك أثرًا محبطًا عند جميع الآخرين، خاصة بحضور الأهالي الذين ذهبوا للاحتفال برؤية ابنهم يحصل على الجائزة، وإذا به حزينًا محبطًا مع أهله الذين ذهبوا إلى الاحتفال.

٥. وعدا عن ذلك، فالجوائز قد تُحدث تنافسات وشرورًا بين الأطفال، مما يدفع إلى استخدام وسائل غير تربوية للحصول على الجائزة. كما أن الجائزة لا قيمة لها بعد الحصول عليها، ولذلك يبدأ الفائز بالفتور إن لم يحصل على جوائز أعلى قيمة.

٦. وفي ذهني أنا، أحداث كثيرة لحفلات حصل فيها طفل أو فريق على كأس الفائزين، وحصل موظفو الوزارة على عشرين كأسًا، بينما بكى عشرون فريقًا لم يفز.

وفي ذهني أيضًا، كيف أن المتنافسين ارتكبوا حماقات عديدة في سعيهم للفوز بالجائزة، كأن يقطعوا أزرار قميصهم أو يمزقون صفحة من كتاب ، أو يتلفون كأسًا ما … إلخ.

هذه بعض مبررات رفض الجائزة، ولكونها الأكثر شيوعًا في ثقافتنا، يضع حسني عايش شروطًا لتقليل أذى ما تنتجه من آلام وشرور، هذا إذا لم نستطع التخلي عنها نهائيًا.

ومن هذه الشروط :

– صممّ جائزة وضع معاييرها، واسمح لكل متعلم حقق المعايير أن يحصل على الجائزة، فلا يمكن القبول بأفضل شخص على حساب دموع الآخرين.

– لا تُعلن عن الجائزة مسبقًا، حتى يكون التعلم من أجل التعلم، مُستثارًا بدوافع حب التعلم والاكتشاف وحل المشكلة.

– أعطِ الجوائز لأكبر عدد من الطلبة، لا للفئة المتميزة دراسيًا، أعطِ جوائز للفنون والحركة والعمل والتقدم، والتعاون والمسؤولية … إلخ.
ولا مانع من إعطاء جوائز بمعانٍ مختلفة للجميع.

– وأخيرًا، لا تضع مدى واسعًا للجوائز، اجعلها متقاربة، فالجائزة الأولى مثلًا؛ إدارة الصف لمدة يوم، والجائزة الثانية؛ إدارة الصف معظم اليوم، والجائزة الثالثة؛ إدارة الصف نصف يوم. وبقية الجوائز؛ إدارة الصف لمدة ساعة واحدة، وهكذا يحصل الجميع على جوائز متقاربة.

وعودة إلى كتاب حسني عايش، فقد قال عنه الأستاذ هُمّام غصيب إنه كتاب يتصل بإنسانية الإنسان وكرامته وقيمه النبيلة، هذا ما نقرأه بين سطور الكتاب أو خلف السطور.

الكتاب يعلمنا أن لا نسحق إنسانية الإنسان بإحالته إلى مثيرات وتنافسات وجوائز، وإلا ما معنى الضمير والحرية والمسؤولية.

هل بعد ذلك من إضافة؟ وتطبيقًا لرأي المؤلف في الجوائز، ورفض “الثناء” والمدح، فإنني عرضت بعض ما في الكتاب دون تعليق.