جوردن ديلي– اعتادت شركة «بلاك روك» على تحطيم الأرقام القياسية، وهي تُعد أكبر مؤسسة في العالم لإدارة الأصول وأول شركة تخترق 10 تريليونات دولار من الأصول الخاضعة لإدارتها، ولكن هذا العام حقق عملاق «وول ستريت» الذي يديره لاري فينك، خسارة أكبر مبلغ من أموال العملاء خلال ستة أشهر فقط.
في النصف الأول من عام 2022، فقدت «بلاك روك» 1.7 تريليون دولار، وعلى الرغم من أنها قامت سريعاً بإلقاء اللوم على أوضاع السوق المزرية في العام الجاري 2022، فإن هناك الكثير في المشهد لا يبشر بخير للمستثمرين.
وفي حين أن القليل من الشركات قادرة على تفادي ما يلقي به السوق عليها، والبعض يحاول على الأقل التغلب عليه، فإن «بلاك روك» تستسلم للأمر بشكل متزايد، ففي نهاية يونيو تمكن نحو الربع فقط من أصولها من الصمود ضمن النطاق المعياري بدلاً من مجاراة الأمر بسلاسة بحسب الاستراتيجيات السلبية الموضوعة للقيام بذلك، وأقل من الثلث عندما استحوذت الشركة على «باركليز جلوبال إنفيستورز» في عام 2009 لتصبح اللاعب الرئيسي في الصناديق المتداولة في البورصة.
أعمال الأسهم
يكون الاختلاف واضحاً بشكل خاص ضمن أعمال الأسهم، فعبر هذا المجال انتقلت الأصول بعيداً عن الاستراتيجيات النشطة إلى السلبية، وفي حالة «بلاك روك» تدفق نحو 21 مليار دولار من الأسهم النشطة في العقد الماضي مع تدفق 730 مليار دولار إلى الأسهم المفهرسة، وحيازات الشركة من الأسهم غير النشطة هي الآن أكبر بعشرة أضعاف من أعمالها النشطة، على الرغم من أنها تقوم بتشغيل بعض استراتيجيات الأصول المتعددة والبدائل النشطة التي تسد الفجوة.
الدخل الثابت
وأسس «فينك» شركة بلاك روك في عام 1988 حول استراتيجيات تؤكد خلق القيمة من خلال خيار الضمان، ويتم تنفيذها من قبل فريق من مديري المحافظ المؤهلين تأهيلاً عالياً باستخدام عملية استثمار منضبطة بدقة، وفقاً لنشرة الإصدار لعام 1999.
وعلى الرغم من أن الشركة أطلقت أيضاً أول سندات صناديق استثمار متداولة في البورصة مقرها الولايات المتحدة في ديسمبر 2002، فإنها لم تدرك جيداً الطريقة التي تعمل بها أسهم صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة. ففي حالة «بلاك روك» استمر تدفق 280 مليار دولار إلى الدخل الثابت النشط في السنوات العشر الماضية، والدخل الثابت هو أكبر جزء مما تبقى من أعمال الإدارة النشطة للشركة. فقد كان لديها 954 مليار دولار من صناديق السندات المدارة بنشاط اعتباراً من 30 من يونيو، مقارنة بـ393 مليار دولار من الأسهم المدارة بنشاط..
وأدى الانهيار في أسواق السندات هذا العام إلى اهتزاز الأموال من الصناديق النشطة ذات الدخل الثابت، وشهدت «بلاك روك» قيام العملاء بسحب أكثر من 20 مليار دولار خلال النصف الأول من العام في هزيمة شهدت خروج أكثر من 200 مليار دولار من المجال، ويتم تحويل بعض ذلك إلى صناديق غير نشطة، لا سيما صناديق الاستثمار المتداولة، حيث تحصل الشركة على أكثر من حصتها العادلة. وحتى الآن اكتسبت 39 مليار دولار من الأموال الجديدة في صناديق الاستثمار المتداولة، و25 مليار دولار في الاستراتيجيات المفهرسة الأخرى.
وحتى وقت قريب كان يُنظر إلى السندات في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة بقلق شديد، وفي عام 2015 وصف المستثمر كارل إيكان شركة «بلاك روك» بأنها «شركة خطرة للغاية»، وكان منطقه هو أن صناديق الاستثمار المتداولة التابعة للشركة تغلف السندات غير السائلة في أغلفة سائلة غير مناسبة، وقال: «سيصطدمون بصخرة سوداء».
ومع ذلك، وأثناء الذعر الذي حدث
في مارس 2020 عندما تجمدت أسواق السندات، كان أداء صناديق الاستثمار المتداولة أداء بكفاءة، وتحولت إلى خصم لقيمة السندات الأساسية، لكن ذلك لم يؤد إلى بيع الأوراق المالية بأسعار زهيدة، وبدلاً من انتقال المخاوف إلى صناديق السندات المتداولة في البورصة امتصتها بتزويد المستثمرين بالسيولة التي هم في أمسّ الحاجة إليها، وأثبت «اختبار الإجهاد» العملي هذا صحة بنيتها، والآن بعد أن بدأت السندات في التدهور أصبحت الأموال تتدفق.
وأشار لاري فينك إلى أن المستثمرين يستخدمون صناديق الاستثمار المتداولة لتحقيق الانكشاف بسرعة وكفاءة، على آلاف السندات العالمية، وإعادة ضبط محافظهم الاستثمارية. وقال: «إن التحديات المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة تجذب المزيد من المستخدمين الجدد لسندات صناديق الاستثمار المتداولة، وتحث المستثمرين الحاليين على إيجاد طرق جديدة لاستخدام صناديق الاستثمار المتداولة في محافظهم».
وفي الوقت الحالي يعمل مديرو محافظ الدخل الثابت في شركة «بلاك روك» على بناء دفاع قوي، وعلى عكس مثيلاتها في الأسهم فقد كان أداؤها قوياً نسبياً، وفي الأشهر الستة الأولى من العام انخفضت الأموال التي أشرفوا عليها بنسبة 10.6%، وهو أفضل بشكل هامشي من صناديق الاستثمار المتداولة ذات الدخل الثابت للشركة.
ووفقاً للشركة، فإن نحو نصف الأصول ذات الدخل الثابت الخاضعة للضريبة تؤدي أداء أعلى من المعيار القياسي الخاص بها في مراجعة مدتها عام واحد، مقارنة بنحو ثلث أصول الأسهم المدارة تقليدياً.
ولكن إذا اتبع الدخل الثابت مسار الأسهم، فإن الاختلاف بين التدفقات السلبية والتدفقات النشطة سينمو. وقال فينك: «هذه هي الأيام الأولى لتحول كبير في كيفية استثمار الناس في الدخل الثابت»، ونتوقع أن تتضاعف صناعة السندات المتداولة في البورصة ثلاث مرات تقريباً، وتصل إلى 5 تريليونات دولار من الأصول المدارة في نهاية العقد.
وبحلول ذلك الوقت، ربما تكون شركة «بلاك روك» أكبر بكثير ولكن ثرواتها ستظل مرتبطة بقوة بالأسواق.