جوردن ديلي – مع النمو المتواصل لوسائل التواصل الاجتماعي، تزايد الحديث حول ظاهرة “المؤثرين”، أي هؤلاء الذين يحظون بمتابعين كُثر على مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبا ما يكون لكل منهم مجالات بعينها يتحدث عنها من خلال فيديوهات ينشرها على حساباته على مختلف المنصات.
ومع استمرار هذه الظاهرة في النمو ظهر ما يعرف بـ”اقتصاد المؤثرين” ويقصد به حصول الكثير من “نجوم السوشيال ميديا” على مبالغ مالية، سواء نظير إعجاب المشاهدين بهم، أو مقابل عدد المشاهدات، أو كمقابل لقيامهم ببعض الإعلانات، حيث تختلف المنصات الاجتماعية (“فيسبوك”، و”إنستغرام”، و”يوتيوب”، و”تيك توك”) بينها في طريقة حصول “المؤثرين” على الأموال.
فيما يتعلق بموقع “فيسبوك” ليس هناك رقم محدد لعدد المشاهدات اللازم كي يبدأ “المؤثر” في الحصول على الأموال من وراء نشر فيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي الشهير، ولكن هناك قواعد يضعها الموقع بألا يقل طول الفيديو الذي يحصد الأموال عن ثلاث دقائق، وأن تتجاوز نسبة معينة (تختلف باختلاف الفيديو) لأول دقيقة منه.
ولذلك فإنه نادرًا ما تحصل الفيديوهات القصيرة على عوائد إعلانية، ويهتم الكثير من المؤثرين بفيديوهات اللايف (البث المباشر) لأنها تأتي ملائمة لمنطق مواكبة “التريند” (القضية المثارة بشكل واسع حاليًا) من جهة، كما أن فيديوهات البث عادة ما تكون طويلة وتحظى بتفاعل كبير من خلال التعليقات بما يسهم في وصولها لأكبر عدد من المستخدمين وبالتالي زيادة العائد من ورائها.
أما على إنستغرام، فيأتي “كرستيانو رونالدو” نجم كرة القدم في صدارة “المؤثرين” على الموقع بتلقيه 880 ألف دولار إلى مليون دولار في الإعلان الواحد على شبكة التواصل الاجتماعي، تليه “كايلي جينر” نجمة تلفزيون الواقع بإعلانات تبدأ بـ673 ألف دولار حتى مليون دولار ويليها نجم كرة القدم “ليونيل ميسي” بمبالغ مقاربة للغاية.
هناك أسعار متفاوتة تماما في هذا الإطار، وكثيرًا ما يكتفي أكبر المؤثرين بتحميل صورة لهم مع المنتج دون الحديث عنه، كأن يقوم “رونالدو” مثلا بوضع صورة له مع شامبو استحمام مثلا دون أن يتحدث عنه، وفي بعض الأحيان يكون الإعلان على هيئة فيديو قصير أو صورة عليها كتابة وتختلف قيمة الإعلان تباعا وفقا لذلك.
وفي بعض الدول لا تتعدى قيمة الإعلان 100 دولار، وذلك للحسابات الأصغر حجمًا وللسلع المحلية، وغالبا ما تكون الإعلانات قريبة لمجال عمل المؤثر، كأن يقوم من يهتم بمجال السيارات بالدعاية لسيارة بعينها، وذلك خلافا لمن يعرفون بـ”الميجا ستار” (مثل رونالدو، ميسي، كيم كارديشان) وهؤلاء يقومون بالدعاية لمختلف أنواع السلع.
ويتشابه “تويتر” مع “إنستغرام” في عدم حصول المؤثرين عليه على أموال مباشرة من الموقع، ولا توجد تقديرات دقيقة للأموال التي يحصل عليها المؤثرون نظير نشر إعلانات على حساباتهم، ولكن التقديرات تشير إلى أنها تبلغ 10% فحسب مما يحصل عليه المؤثرون على إنستغرام بسبب الطبيعة الجادة لـ”تويتر” وعدد المستخدمين الأقل كثيرًا.
أما “تيك توك” فيعتمد نموذجًا مغايرًا من خلال منح المشاهدين للهدايا للمؤثرين، حيث يقرر كل مشاهد منح الهدايا إذا أعجبه فيديو بعينه، وتختلف قيمة الهدايا بشدة، وبشكل عام يكون على المؤثر أن يجمع أكبر عدد من المشاهدات لكي يحوز على أكبر إمكانية للحصول على أكبر عدد من الهدايا ممن يعجبهم ما يقدمه.
ويحصر “تيك توك” إمكانية الحصول على الهدايا على من تخطوا 18 عامًا، وللحساب الذي تخطى عدد متابعيه 10 آلاف شخص وتخطى عدد مشاهدات فيديوهاته أكثر من 100 ألف مشاهدة، وعلى ذلك فإن حصد الأموال من التطبيق الشهير غير ممكن إلا بالنسبة لـ”كبار المؤثرين” الذين بوسعهم طلب “فتح حساب” على الموقع.
ويقوم صاحب الحساب على “تيك توك” بإمداد الموقع بحساب بنكي يقوم التطبيق بتحويل الأموال عليه، ويحصل التطبيق على نسبة من الهدايا التي يتم توجيهها إلى صاحب الحساب، وتختلف النسب باختلاف حجم الحساب وعدد متابعيه وفيديوهاته، ولكنها تتراوح بين 20-30% بشكل عام.
ويعد “يوتيوب” هو الأكثر تعقيدا بين المواقع التي يستخدمها المؤثرون، ففي بعض الدول لا يتعدى الربح من ألف مشاهدة على “يوتيوب” دولارًا واحدًا بينما يصل السعر نفسه إلى 10 أضعاف في بعض الدول الأخرى، وذلك باختلاف العوائد الإعلانية في كل بلد فضلا عن طبيعة المحتوى وما يجذبه من إعلانات.
وبشكل عام يميل الكثير من المؤثرين إلى الإنفاق على الإعلانات على وسائط التواصل الاجتماعي حتى يحصدوا المشاهدات، حيث يقوم بعمل إعلان على “فيسبوك” أو “يوتيوب” مثلا بحيث يزيد عدد مشاهدات الفيديو في المنطقة التي يستهدفها، ومع زيادة عدد المشاهدات يظهر الفيديو بوصفه “فيديو مقترح” للمزيد من المسخدمين وبذلك يزداد العائد وهي عملية حساب أرباح وخسائر دقيقة أهم ما فيها تحديد الجمهور المستهدف بالإعلان بدقة.
ويستفيد المؤثرون هنا من أن وسائل التواصل تتيح استهداف جنس معين أو سن معينة أو مكان إقامة معين بالإعلان مما يسمح بتحديد عالي الدقة للجمهور المستهدف من الإعلان ويزيد من كفاءته خلافًا للإعلانات العامة التي لا تراعي أيًا من العوامل سابقة الذكر ولذا يصل الإعلان لنسبة كبيرة ممن “لا يهمهم الأمر”.
والجدير بالذكر أن اقتصاد المؤثرين يثير جدلا قانونيا في مختلف دول العالم بسبب عدم خضوع غالبيتهم لضرائب الدخل على الرغم من المبالغ الطائلة التي يحققونها، حيث لا يوجد أي إثبات للدخل لهم، بما يجعلهم يحصدون الأرباح الطائلة ويمنحهم ميزة نسبية تجعلهم “يفلتون” من الضرائب خلافا لمواطنيهم الذين يحصدون رواتب وأرباحا أقل ويدفعون الضراب عنها.