Main Newsاقتصاد

أزمة الدائن والمدين والحبس، المواطن والدولة والاقتصاد،الجذور والحلول

كتب محمد عبدالله


جوردن ديلي – في ملخص سريع تبدو أزمة الدائن والمدين وبينهما الحبس والتي وصلت الى قبام الدولة بتفعيل قانون الدفاع لمواجهتها كحرب شعواء تواجه المواطن والدولة والاقتصاد دون أدنى بوادر لايجاد حلول ملائمة يتوافق فيها كل الأطراف وترضيهم جميعاً،وفي ذات الوقت يساهمون أيضا بحلها كل من موقعه ليخرج الجميع برضا وتوافق ، هل ذلك أصبح معجزة أم هو متاح .

ان جذور الأزمة تعود الى ما قبل ما يزيد عن 15 عاما اثر تشريع قانون حبس المدين وبالطبع حبس ساحب الكمبيالة وساحب الشيك بدون رصيد ـ والوصول الى تفسير القانون بحبس مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة الموقع على شيك الشركة الساحبة للشيك ، فطالما اننا لا نستطيع حبس الشركة فلا بد لنا من ايجاد من نحبسه بديلا عنها ، وبالطبع فان هذا التشريع قد أتاح للدائن استخدام غطاء الدولة له بتعهدها قانونيا بحبس كل من سبق ، على أن يقوم بمنح الائتمان بأريحية فائقة معتمدا على الغطاء القانوني القوي الذي يسند دينه الممنوح للمدين ، وهنا بدأت الأزمة بالظهور تدريجيا دون أن يلتفت أحد الى ما يمكن أن تصل اليه .

إن هذا التشريع (برأيي المالي) قد تعارض مع تحرير الاقتصاد ووضع الدولة في خانة الدفاع عن مقرض قدم ائتمانا لمقترض سواء بالاقراض المباشر أو عن طريق معاملة تجارية أو مالية بينهما ، وقدمت بديلا مكلفاً على الدولة لحماية عمليات اقتصادية بسيطة بين أطراف تحكمهم قواعد تبادل اقتصادي سهلة وبسيطة وكانت على الدوام تعمل بسهولة ويسر دون تدخل الدولة فيها كموفر لغطاء حماية كالحبس.

بالطبع، مع مرور كل تلك السنوات تزايدت المعاملات والقروض والكمبيالات والشيكات وتشعبت وبالتالي القضايا الناجمة عنها حتى وصلت الى عدم قدرة الدولة ذاتها على تحقيق وعد الحماية للدائن بحبس المدين كون القدرة الاستيعابية للسجون في الدولة أصبحت تشكل ما لا يزيد عن 10% من عدد المطلوبين الماليين للحبس ، بالطبع لن نجد الحل من الجهات الأمنية التنفيذية كون هذا الموضوع خارج اختصاصها ، ولن نجده من الجهات القضائية التي تقوم بتطبيق التشريع اياه وفق القانون ، ولن نجده أيضا من الدائن الذي لن يتنازل عن حقه في ماله ، وبالتأكيد لن نجده من المدين الذي أصبح يناجي ربه صباح مساء لينجيه هو وأهله من الحبس المرير.

أن مشكلة المديونية والحبس المتأتي منها وصلت الى مرحلة تشابه في تعقيدها مشكلة سوق المناخ التي حدثت في دولة الكويت أوائل الثمانينات من القرن الماضي ، والتي قام على حلها مجموعة من الخبراء الماليين اخرجوا كافة أطراف المشكلة بطريقة سحرية، طبعا مالية عبر تشكيل ما سمي بلجنة المقاصة والتي حملت المشكلة كاملة بدلا من المحاكم وبتشريع ودعم من الدولة آنذاك لتخرج اقتصاد الدولة من معضلة كانت ستقضي عليه لعقود قادمة لو استمرت في ذلك الوقت.

الفكرة بسيطة وسهلة ومربحة ومريحة لكافة الأطراف ، فلا الدولة بحاجة الى تأسيس سجون جديدة ليست أصلا بحاجة اليها بدون سجناء ماليين، ولا تحتاج أيضا الى استمرار الصرف على السجناء الجدد والتي تعد مكلفة وترهق موازنة الدولة عند تكلقة 700 دينار للسجين الواحد شهريا ، وسيستعيد الدائن جزءا أو كل ما قدم من ديون بأصلها وليس بما وصلت اليه من اضافات وفوائد وغرامات و و و ، وسينام المدين قرير العين مع عائلته وأهله.

ان المعلومات الأولية المتاحة حول حجم المشكلة يشير الى ما يزيد عن 155 ألف مطلوب مالي منهم 100 ألف مدين اقل من 5000 دينار مما يشير الى حجم اساسي لا يتجاوز 250 مليون دينار بأصل الدين ، و 35 الف مدين بين 5 الاف و 20 الف وهذا يصل أيضا الى حجم اساسي يقارب 250 مليون أيضا ، والباقي 20 ألف مدين ما فوق 20 ألف دينار وهو ما يقارب 250 مليون أخرى.

أن أول 250 مليون يمكن توفيرها بسهولة من الدولة بدل الوفر المحقق من عدم بناء سجون جديدة وتكلفة سجن ال 100 الف مواطن لشهرين فقط . وهذا ينطبق أيضا على ال 250 مليون الثانية من وفر سجن ال 35 الف مدين لمدة 10 أشهر فقط ، فيما يمكن حل الثالثة بطرق التسويات المرحلية والمقاصة بين المطالبات .

ان بداية الطريق لمثل هذا الحل هو قيام الدولة بايقاف قانون الحبس اعتبارا من تاريخه على كل البنود المالية ،عدا الاحتيال بالطبع والغائه نهائيا من التشريع، ووقف الأحكام الصادرة على المطلوبين وملاحقتهم الى حين معالجة الصندوق لقضاياهم ، وتأسيس صندوق مقاصة يكون رأسماله الأولي ،هو تكلفة السجن المنوي بناؤه بتكلفة 70 مليون دينار مع اضافة 30 مليون أخرى بدل تكلفة السجناء القادمين، يضاف اليه مساهمة من البنوك بواقع 5% من الفوائد المكتسبة عام 2022 والتي يتوقع أن لا تقل عن 100 مليون دينار والتي أعتقد أن البنوك لن تتردد أبدا في الموافقة على دعم الصندوق بها وربما بأكثر ، بالاضافة الى مساهمات من الشركات الكبرى طوعيا لدعم الصندوق ب 50 مليون اخرى ليصل رأسماله الى 250 مليون دينار.

بالطبع من الضروري تأسيس لجنة من المتخصصين الماليين لادارة الصندوق والذي سيتولى حل المديونيات بارجاع الدين الى أصله وسداده للدائن وفق شرائح معتمدة لينقل ذمة المدين تجاه لصندوق بدلا من الدائن واعادة برمجة الدين دون فوائد للسداد من المدين ،أو اعفاؤه ، أو اجراء المقاصة اللازمة في حالات يكون المدين فيها هو دائن أيضا.

إن الحديث هنا عن توفير 250 مليون دينار لصندوق ينهي مشكلة لاقتصاد كامل ويزيح أعباء ليس فقط عن أفراد مواطنين وانما عن مؤسسات دولة باتت تعاني مادياً وتنفيذياً من تبعات وعواقب هذه الأزمة ، هذا بالاضافة الى العواقب الاجتماعية الوخيمة التي تحيق بالمجتمع، وما سينتج عنه ايجابيا في اعادة تفعيل الوحدات الاقتصادية المعطلة وتفعيل الاقتصاد بكافة نواحيه.

 الكاتب محمد عبدالله هو خبير مالي،وساهم بهذه المقالة لـ “جوردن ديلي”.

Back to top button