الدول العربية تجدد موقفها الداعم لمبدأ “الصين الواحدة”
جوردن ديلي – تم اعتماد قرار “العلاقات العربية مع جمهورية الصين الشعبية” في الدورة الـ158 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري المنعقدة في الفترة ما بين يومي 6 و7 سبتمبر، الذي أكد مجددا على دعم الدول العربية لمبدأ الصين الواحدة، وأعرب عن حرصها على تعزيز التعاون مع الصين في مختلف المجالات في ظل مبادرة “الحزام والطريق”، ويثمن الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الصينية لدعم القضايا العربية لإيجاد حلول سلمية للأزمات القائمة في المنطقة، بما يعزز السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
واشار بيان صحفي، صدر اليوم ، “في الحقيقة، قد تبنى مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرارات بشأن تطوير العلاقات مع الصين لمدة ما يقرب من 20 عاما متتاليا. لنرى القائمة التالية:
– تبنت الدورات المتعاقبة لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرارات بشأن العلاقات مع الصين منذ عام 2003، لإعادة التأكيد على تعزيز الدعم العربي للصين والعلاقات الصينية العربية.
– تم إدراج المضمون بشأن دعم مبدأ الصين الواحدة لأول مرة في القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في مارس عام 2006.
– تم إدراج مبادرة “الحزام والطريق” لأول مرة في القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في مارس عام 2018.
– أعرب مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري عن التقدير للجهود الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط لأول مرة في قراره في سبتمبر عام 2021.
إن القرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بشأن العلاقات مع الصين على مر السنين تجسد بجلاء عزيمة الدول العربية الثابتة على تطوير العلاقات مع الصين، وتعكس الصداقة التقليدية العميقة والشراكة الاستراتيجية الراسخة بين الصين والدول العربية. وتستجيب الصين دوما تطلعات الدول العربية للسلام والأمن بخطوات ملموسة، وتدعم نداء الدول العربية لتحقيق التنمية والاستقرار. لدى الأمتين الصينية والعربية هدف مشترك، وهما تتجهان نحو نفس الاتجاه: إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد.
يقوم هذا الهدف المشترك على أساس الدعم المتبادل الثابت بين الجانبين الصيني والعربي.
تدعم الصين بشكل ثابت جهود الشعوب العربية لتحقيق التحرر الوطني منذ الخمسينات من القرن الماضي، وهي تدعم الدول العربية في الدفاع عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها والحفاظ على أمنها واستقرارها وحقوقها ومصالحها المشروعة، وتعارض التدخل الخارجي والعدوان ضدها. كما تدعم الصين بكل ثبات جهود الشعوب العربية في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، ولم تحاول الصين أبدًا أن تكون “معلّما” للدول العربية مثلما فعلته فرادى الدول.
في المقابل، قدمت الدول العربية دعما قويا للصين بخطوات ملموسة. أصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانا فور زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان في أغسطس الماضي، وأكدت فيه على تمسكها الثابت بمبدأ الصين الواحدة، وأعبرت جميع الدول العربية من خلال قنوات مختلفة عن موقفها من التمسك الثابت بمبدأ الصين الواحدة في وجه ما قامت به الولايات المتحدة والدول الغربية بشكل متكرر من تشويه صورة الصين باستغلال ما يسمى بالمسائل المتعلقة بشينجيانغ وحقوق الإنسان، تلتزم الدول العربية بكل ثبات بالعدالة والإنصاف وقدمت دعما قويا للصين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، مما حافظ بقوة على المصالح المشتركة للصين والدول العربية والدول النامية.
يقوم هذا الهدف المشترك على أساس المفهوم المشترك لدى الجانبين الصيني والعربي لحل القضايا الأمنية الإقليمية.
لم تفرض الصين أبدا إرادتها على الآخرين في القضية الأمنية في المنطقة، ولم تسع أبدا إلى كسب ما يسمى بالمصالح الجيوسياسية الأنانية، ناهيك عن ملء ما يسمى بفراغ السلطة. ظلت الصين ترى أنه من مسؤوليتها أن تحافظ على السلام والاستقرار في المنطقة، وتبقى على التنسيق الوثيق مع جميع الدول العربية بشأن القضايا الساخنة، وتعمل على تنفيذ مبادرة الأمن العالمي التي طرحها الرئيس شي جينبينغ، وتتعاون مع دول المنطقة في السير على الطريق الجديد المتسم بالتعاون والكسب المشترك والتنمية المشتركة والأمن المشترك.
وأعربت الدول العربية عن تقديرها لمبادرة الأمن العالمي التي طرحها الرئيس شي جينبينغ وتجاوبت معها بشكل إيجابي، فضلا عن المفاهيم التي طرحها الجانب الصيني في السنوات الأخيرة مثل المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والمبادرة ذات النقاط الأربع لإيجاد حل سياسي للمسألة السورية، والأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ “حل “الدولتين” في القضية الفلسطينية. وأصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مع الصين “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات”، مما جعل الدول العربية أول منطقة في العالم شاركت الصين في إصدار مبادرة أمن البيانات.
رغم اختلاف الظروف الوطنية بين الصين والدول العربية، إلا أنه لدى الجانبين رغبة مشتركة في تحقيق التنمية وتعزيز التعاون. بعد أن طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة “الحزام والطريق” في عام 2013، بادرت الدول العربية في الانضمام إليها قبل الغير، وقد وقعت 20 دولة عربية على وثيقة التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق” مع الصين حتى الآن. طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة التنمية العالمية في سبتمبر الماضي، وسجلت الدول العربية تقديرا عاليا وتجاوبت بنشاط مع هذه المبادرة. كما بادرت الدول العربية في السنوات الأخيرة تعميم واستخدام تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات للشركات الصينية، وإجراء التعاون المعمق والواسع النطاق مع الصين في المجالات الناشئة مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
تتخذ الصين والدول العربية خطوات عملية لتسريع المواءمة للمفاهيم التنموية، وتعملان سويا على ترجمة مبادرة التنمية العالمية إلى أرض الواقع، لتعود نتائج التنمية بالفوائد على الشعب الصيني والشعوب العربية، وسيعمل الجانبان سويا على إقامة علاقات الشراكة التنموية العالمية المتسمة بالتضامن والمساواة والتوازن والنفعة للجميع، بما يسهم في قضية التنمية العالمية.
ويشهد الوضع الدولي في الوقت الراهن التغيرات والاضطرابات المتشابكة، وتواجه البشرية التحديات غير المسبوقة. إن الجهود المشتركة التي تبذلها الصين والدول العربية تضخ عوامل الاستقرار والثقة إلى العالم المضطرب. وإن التطلع سيوصلنا إلى نهاية الرحلة. إن الصين كانت وستكون صديقا وشريكا عزيزا للدول العربية إلى الأبد. وستواصل الصين والدول العربية العمل جنبًا إلى جنب على التغلب على الصعوبات ومواجهة التحديات وخلق مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.