أميمة يوسف تكتب … في الحضرة المحمدية
أميمة يوسف
دخلتُ حدائقَ الأفكارِ فِيّا
لعلّي أستردُّ دمي إليّا
وأَخرجُ مِنْ متاهاتي، وحُزني
سعيدٌ يستجمُّ بما لديّا
وعدتُ إلى الحقيقةِ مثلَ طفلٍ
يلاعبُ ظلَّهُ العالي هنيّا
فإذ بمحمّدٍ يسري بروحي
ضياءً ساميًا عذبًا نقيّا
علوْتُ علوْتُ أوجَ النورِ حتى
ظننتُ بأنّني فوقَ الثريّا
وخلتُ بمهجتي تسعينَ بدرًا
تساقطُ في يدي شَغَفا بهيّا
نهدتُ إلى رسولِ اللهِ أرنو
وأقبسُ منهُ إشراقًا سَنيّا
يتيمٌ هزَّ باليمنى قلوبًا
فأثمرَ نبضُها رُطبًا جَنِيّا
وباليسرى يُداوي جُرحَ قومي
ويزرعُ بينهمْ بِرًّا سخيّا
ب (اقرا) سالتِ الدُّنيا جلالًا
وبشرى للأنامِ تفيضُ رِيّا
خديجةُ دثّرتهُ بثوبِ أمنٍ
وآستْ روعَهُ السّاجي مليّا
فقيرٌ آزرَ الفقراءَ حبًا
فأمسى في تواضعهِ غنيّا
رحيمُ القلبِ واليدِ والسّجايا
بنفسٍ تنفحُ الوردَ الشّذيّا
أمينٌ صادقٌ حرٌّ بشيرٌ
ويجعلُ ميِّتَ الأحلامِ حيّا
تسامى سيدُ الكونيْنِ حتى
أغاثَ بهديهِ الليلَ العمِيّا
هو الغيثُ الذي أحيا نفوسًا
وكانَ الغيمُ محبوسًا عصيّا
تنفسَ فجرُهُ في الناسِ شمسًا
فبدّدَ ظلمةً وأزالَ غِيّا
يحنُّ لكفِّهِ طيرُ الأماني
ويرسلُ لحنَ نشوتهِ شَجيّا
تظلّلهُ الغمامةُ حيثُ يمضي
ضياءً مشرقًا صبحًا نديّا
ويسقي سيرةَ الأوهامِ رشدًا
ويرقى سلّمَ المجدِ العليّا
صبورٌ ما تَشكّى من أذاةٍ
فأشرقَ وجهُهُ صبرًا زكيّا
وطافَ عليهِ حبُّ اللهِ نورًا
فصارَ المصطفى الفذَّ الرّضيّا
تحامتهُ الرّياحُ بكلِّ فجٍ
فطوَّعَها نسيمًا عبقريّا
وحازَ جوامعَ الكلمِ المصفّى
وأيقظَ بالرؤى المعنى الجليّا
وناجى نجمةَ الإيمانِ حتى
غدا التوحيدُ إشعاعًا زهيّا
وأحيا أمةً كانت شتاتا
وكانَ العدلُ ضِليلًا غَويّا
به التاريخُ قد ذابَ احترامًا
وصارَ الحُلمُ وضّاءً فتيّا
بَرَتْهُ إرادةُ الرّحمنِ نُعمى
ولمْ تجعلهُ جبارًا شقيّا
وأهدتهُ الرسالةَ كيْ يُؤدي
ويصبحَ سيّدَ الخَلقِ النّبيّا
فما إلّاهُ شمسٌ للبرايا
تضيءُ الكونَ حبًّا سَرمديّا.