Main Newsاقتصاد

إطلبوا الإستثمار ولو من سنغافورة

كتب:نضال الزبيدي


جوردن ديلي – رواندا، دولة صغيرة تقع في إفريقيا، شهدت في العام 1994 أبشع مجزرة إبادة جماعية، ذهب ضحيتها 800 ألف شخص، بحسب تقديرات منظمات دولية ،جراء التناحر والصراع العنيف بين قبيلتي الهوتو والتوتسي.

في العام 2000 أنُتخب بول كاغامي ، رئيساً للبلاد.شخصية قوية وحّدت البلاد والعباد واطلق برنامجه الانمائي لتحويل رواندا من دولة فقيرة متناحرة الى دولة تحقق المعجزات في قارة تتجاذبها الصراعات القبلية والجهل والانقسامات السياسية والاجتماعية التي فرضها الاستعمار.

لن أذهب بعيداً في الحديث عن الاجراءات التي قادها كاغامي ولكني أود ان اتطرق بعجالة الى ما فعله في مجال جلب الاستثمارات الاجنبية الى بلاده، حتى قفز نموها الاقتصادي الذي كان بالسالب الى أكثر من 8% سنوياً.فعلاوة على الاستثمار في التعليم والصناعة والزراعة،أطلقت رواندا ما يعرف بـ” النافذة الواحدة”،بحيث يستطيع أي مستثمر ان ينجز كافة معاملاته في غضون ساعات قليلة وعبر الانترنت.عندنا اطلقنا نظام “النافذة الواحدة” ، فتحولت الى نوافذ وأبواب ودهاليز!

قبل عدة أيام، دعت وزيرة الاستثمار خلود السقاف مجتمع الأعمال السنغافوري إلى “استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في الأردن والاستفادة من المزايا الاستثمارية المتعددة”،وذلك عبر ندوة افتراضية نظمتها ،مأجورة مشكورة، سفارتنا في سنغافورة، ، وهي كحال كل الندوات والمؤتمرات ،ينتهي مفعولها بإنتهاء الوقت،ويبقى الخبر ان لدينا وزارة أسمها “الاستثمار”، تعاقب عليها عديد الوزراء،أغلبهم لم يدرك ولن يدرك حتى اللحظة، ما الهدف من انشائها وما المطلوب القيام به.

الأصل، أن تقوم الوزارة بإعداد حزمة من المشروعات الاستثمارية المتاحة في المملكة ،  في مجالات الطاقة، المياة، البنية التحتية، الأمن الغذائي وغيرها، وتبين الجدوى الاقتصادية منها والعائد السنوي لهذه الاستثمارات وتقوم بتقديمها لمؤسسات وصناديق مالية ومستثمرين عالميين كبار ،تقوم بالالتقاء بهم وجاهياً لا افتراضياً. لا عبر ندوات ومؤتمرات.

من الممكن أن تكون وزارة للعلاقات العامة للدولة،او وزارة للتشبيك ،لكن من المستحيل ان تكون وزارة لجلب الاستثمارات الاجنبية،إذ لا أنياب لها ولا حتى أسنان،أقصد هنا الوزارة.ولا ألوم الوزيرة،لأنها تعمل ضمن الامكانات والصلاحيات المتاحة لها.لا تستطيع أي وزارة للاستثمار أن تقوم بمهام عملها بشكل فردي، إنما بتناغم وتنسيق مع بقية الوزارات ،بدأً بالداخلية،مروراً بالصناعة والتجارة وليس انتهاءاً بوزارة الخارجية.

وفي ظل هذه المعطيات،أجد أنه من الأولى والأجدى للوزارة،المحافظة على الاستثمارات القائمة في المملكة، لأنها مضمونة وتعمل وتوظف الآف الاردنيين، وذلك بتسهيل أمورهم واجراءات عملهم عوضاً عن “تطفيشهم”، من خلال رفع كلف الانتاج والطاقة أو من خلال عدم استقرار نظام التحصيل الضريبي وليس انتهاءاً بعدم استقرار التشريعات.وهي”تظلمات”، اسمعها في كل مرة ألتقي بها صناعياً أو مستثمراً.

جانب آخر قد لا يقل أهمية عما ذُكر،هو الكادر الوظيفي للوزارة، والذي أرجو الله ان لا يكون  في معظمه، من فائض الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ممن لا عمل لهم في تلك الجهات.الاصل ان تكون عملية إختيار الموظف لتلك الوزارة عملية معقدة،إذ ان الوزارة هي واجهة الاردن.لماذا لا تكون عملية التوظيف في الوزارة من خلال مسابقة خاصة، تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة، وليس غيرها، كتلك التي يتم فيها اختيار المتقدمين في السلك الدبلوماسي؟!

دعونا نخرج من سياق الموظف العام ، الذي يرفع دوماً شعار “من دخل دار أبي سفيان فهو آمن”، وعلى هيئة تلك الموظفة التي تمسك بيدها اليمين، “سندويشة” وبيدها اليسار تلفونها، وترد عليك عندما تسألها:تفضل عمو ،خالو ، أو حجي ، هذا في أحسن أحوالها،او أن ترد عليك: ان الموظف المعني “مش موجود راح يصلي الظهر”.

تقول النكتة الأردنية،أثنان لا يرجعان:العُمر والموظف الحكومي، إذا ذهب لأداء صلاة الظهر.

Back to top button