ارآء

خطوة طرد السفير الإسرائيلي

ماهر أبو طير 

جوردن ديلي – مرت أيام منذ بدء الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وصولا الى المواجهات العسكرية التي نراها هذه الأيام، وهي أيام حفلت بتحديات ومخاطر كبيرة تنزلت على الأردن.

إسرائيل تمس الوصاية الأردنية في القدس. وعلى مدى الفترة الماضية، لم يتخذ الأردن إجراءات ضد إسرائيل، إذ على الرغم من كل المطالبات بطرد السفير، أو منع دخوله إذا عاد، كونه غير موجود في الأردن، وفقا للرواية الرسمية، والمطالبات أيضا بإلغاء اتفاقية وادي عربة، ووقف العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك شراء الغاز لتوليد الكهرباء، وشراء الماء من الاحتلال وغير ذلك، إلا أن الأردن لم يتخذ أي إجراءات، ويدير الموقف بطريقة متدرجة.

السلطة الوطنية الفلسطينية أيضا لم تتخذ إجراءات ضد إسرائيل، إذ إن الرئيس الفلسطيني بقي يتلاعب بتعبيراته لصالح القدس، وبعيدا عن غزة، وما يجري في غزة من اعمال، ولم تقم السلطة أيضا بإلغاء اتفاقية أوسلو، ولا قررت حل السلطة او اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، وهي هنا تتصرف وكأنها مجرد طرف لاتيني صديق للفلسطينيين، وليس اصيلا، لديه القدرة على بلورة موقف، خصوصا في هذه الظروف الأصعب منذ قيام دولة الاحتلال.

يستصعب الرسميون في الأردن، اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، ويريدون قول هذا علنا، فهم يتصرفون على أساس انهم يفهمون الذهنية الغربية، ولا يريدون التصعيد كثيرا، بل إدارة الموقف بطرق مختلفة، خصوصا بعد ان بلغ التشبيك الاقتصادي اعلى درجاته، ولا يتخذون أي إجراءات تحوطا من كلفة الإجراءات، ورد فعل الولايات المتحدة، وغير ذلك، في ظل خنق عربي واقليمي للأردن، على عدة مستويات، وهذا يعني ان الحسابات الرسمية تختلف تماما عن التوقعات الشعبية.

هذا يفسر ان كل المطالبات بطرد السفير الإسرائيلي لم تلزم أي طرف في الأردن، وعلى ما يبدو ان الأردن يتجنب طرد السفير، وان هكذا قرار لن يتم اتخاذه، وهناك عملية شراء للوقت، لعل العمليات العسكرية في فلسطين المحتلة تتوقف.

لماذا يراعي الأردن، في هذه الحالة، العوامل الدولية، وحسابات المخاطر مع إسرائيل، اذا كان الاحتلال ذاته لا يراعي أي مصلحة اردنية، ويعتدي على وصاية الأردن في الأقصى، ويعتدي على أملاك الفلسطينيين في حي الشيخ جراح.

كل المؤشرات تدل على ان الإسرائيليين لا يضعون حساسيات الأردن في حساباتهم، بل يتعمدون العكس عبر محاولة إحراج الأردن، وتصدير الازمات والاعباء اليه بطرق مختلفة.

الأردن الشعبي كان موقفه واضحا، والأردن الأقرب الى فلسطين تاريخيا، وموقفه ليس تحت اختبار او تجريب احد، فهو ليس بحاجة الى شهادة حسن سلوك من احد.

اذا كان الأردن رسميا يتردد في اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، تحسبا لتحمل الكلفة وحيدا، فإن عليه الوصول الى مقاربات جديدة، عبر إعادة النظر في كل العلاقات، وسقوف التعاون الاقتصادي، وتخفيض كثير من أنماط التعاون القائمة، وإعادة تصنيف إسرائيل بكونها المهدد الأول للأردن، بما يؤدي الى سلسلة إجراءات متزامنة ومتتالية خلال الفترة المقبلة، بعد ان ثبت ان إسرائيل تصنع الازمات وتصدرها عبر الحدود للأردن.

يبقى السؤال هنا، حول الكيفية التي سيدير بها الأردن علاقاته مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة على المستوى السياسي، بعد كل هذه المذابح التي قام بها الاحتلال، وهو سؤال محرج قد لا تصح معه مقارنة الظرف الحالي مع ظروف سابقة شبيهة استمرت فيها العلاقة السياسية، بعد اندلاع انتفاضة هنا او هناك، او قيام الاحتلال بعمليات عسكرية دموية.

لا بد ان يصل الأردن، إلى القناعة بأن إسرائيل مهدد أساسي ورئيسي له، بعيدا عن الكلام الدبلوماسي، الذي لا يقول شيئا، وان يعيد الأردن التموضع في كل هذه العلاقة.

(الغد)

Check Also
Close
Back to top button