جوردن ديلي -أجرى معهد العناية بصحة الأسرة، مؤسسة الملك الحسين، دراسة في ظل التفشي المجتمعي لجائحة كورونا، نشرها في مجلة (Journal of Critical Reviews) العلمية المحكمة.
وهدفت دراسة المعهد إلى التعرف على مستوى جودة الحياة للمقيمين في الأردن أثناء الجائحة، وعلاقتها بمتغيرات الجنس، والعمر، والمستوى الأكاديمي، والحالة الوظيفية.
وقالت الدراسة إن مفهوم جودة الحياة الذي يُعد مقياساً لمدى رفاهية ورضى الأفراد والمجتمعات والشعوب، أحد المجالات البحثية الأسرع نموًا وتطوراً في مجال علم النفس والطب النفسي خلال القرن الحادي والعشرين.
وتعرف منظمة الصحة العالمية جودة الحياة (Quality Of Life) بأنها “إدراك وتصور الأفراد لوضعهم وموقعهم في سياق نظم الثقافة والقيم التي يعيشون فيها، وعلاقة ذلك بأهدافهم وتوقعاتهم ومعاييرهم واعتباراتهم، وهو مفهوم واسع النطاق، يتأثر بالصحة الجسدية للشخص، وحالته النفسية، ومعتقداته الشخصية، وعلاقاته الإجتماعية”.
ولفتت دراسة المعهد إلى ضرورة التمييز بين جودة الحياة (QoL) ومستوى المعيشة (Standards of Living) والذي يعني تقييم الثروة المادية، والوضع الوظيفي للشخص في المجتمع، أي أنه يمثل جانبًا أكثر ماديًا من الحياة. أما مفهوم جودة الحياة فهو أوسع، ويتألف من ست فئات: الصحة البدنية، والصحة النفسية، ومستوى الاستقلال، والعلاقات الاجتماعية، والبيئة، والمعتقدات الشخصية.
وأتاح المعهد المشاركة في الدراسة لجميع فئات المجتمع العمرية والاجتماعية، والمستويات التعليمية ذكوراً وإناثاً، مع عدم السؤال عن اسم المشترك لضمان الخصوصية والحرية عند الإجابة.
ونشر المعهد رابط الأداة المستخدمة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغ حجم عينة الدراسة (1409) من كلا الجنسين، مقسمة إلى 947 من الإناث (67.2٪)، و462 من الذكور (32.8٪).
واستخدم الباحثون في المعهد استبيان منظمة الصحة العالمية لجودة الحياة المختصر (WHOQOL-BREF)، كأداة لقياس جودة الحياة.
وأظهرت نتائج الدراسة أن جودة الحياة لجميع أفراد العينة تأثرت بشكل متوسط خلال جائحة كورونا في جميع المجالات، حيث بلغ المتوسط الحسابي الإجمالي (3.21) من (5) والانحراف المعياري (0.617).
وأشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية تُعزى لمتغير الجنس، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية تُعزى لمتغير العمر، حيث أن الفئة العمرية (فوق 50 عاما) قيّمت جودة حياتها بأنها أفضل. كما لوحظ وجود فروق ذات دلالة إحصائية بالنسبة لمتغير المستوى الأكاديمي، حيث قيمت فئةُ (الدراسات العليا) جودة َالحياة بأنها أفضل، تليها فئات (البكالوريوس، والدبلوم، والثانوية) بالترتيب.
وأظهرت نتائج الدراسة فروقا ذات دلالة إحصائية تُعزى إلى حالة التوظيف، لصالح الأفراد العاملين مقارنة بالأشخاص الذين (لا يعملون جزئياً أو يعملون أحياناً).
وعزا الباحثون التأثر المتوسط في نوعية الحياة إلى ظروف الوباء الغامضة التي لم تسفر عن تغييرات جوهرية في جوانب الحياة، وحالت دون أن يكون الناس مثاليين في تصورهم لحياتهم، وأدت إلى التعامل مع الأزمة بطريقة أكثر عقلانية. في الوقت نفسه، أدت التدابير التقييدية المطبقة في الأردن والعالم ككل إلى تعطيل حياة الناس اليومية، بما في ذلك الحركة والأنشطة، مما يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على صحتهم ورفاههم.
كما عزا الباحثون وجود تأثير مماثل على كلا الجنسين إلى أن الأحداث الضاغطة مثل جائحة كوفيد-19 غير مألوفة لكلا الجنسين.
وأظهرت النتائج أيضًا أن أكثر التأثيرات الملحوظة كانت في الجانبين المادي والاجتماعي. وعزا الباحثون ذلك إلى الخوف والقلق اللذين يمكن أن يكونا طاغيين ويسببان مشاعر قوية مثل القلق من الإصابة بالعدوى وصعوبة متطلبات العمل اليومية.
وفسّر الباحثون أن الأشخاص في الفئة العمرية (فوق 50) كانوا الأقل تأثراً في الأردن، لأنهم يتلقون دعمًا اجتماعيًا ونفسيًا أكثر من بقية الفئات، كما أنهم قد حققوا أهدافهم، فهم راضون أكثر عن حياتهم، ويتلقون باستمرار الدعم الصحي والنفسي، مثل الأدوية وخدمات الرعاية الصحية الأخرى.
وفسّر الباحثون ارتباط درجة التعليم بجودة الحياة بأن المكانة الاجتماعية غالباً ما يتم تحديدها في المقام الأول من خلال التحصيل التعليمي للأفراد وكفاءاتهم. كما أن التحصيل التعليمي يُمكَّن الإنسان من اكتساب الإحساس بالثقة والاستعداد لمواجهة العديد من التحديات، ويمكّنهم من فهم وتحليل الأحداث بشكل أفضل.
ويشير هذا البحث إلى الآثار المحتملة لأزمة كوفيد -19، ويسلّط الضوء على أهمية آليات الدعم اللازمة للتخفيف من الآثار السلبية لأزمة كورونا على الصحة والرفاهية. ويُمكن لصناع القرار استخدام نتائج الأبحاث هذه لغايات فهم وقياس مستوى الآثار المترتبة للحالة الوبائية على صحة الأفراد وتنفيذ استراتيجيات تدخّل مفيدة وتدابير مناسبة.