كتب – نضال الزبيدي
جوردن ديلي – قبل أسابيع قليلة ، إحتفت بورصة عمان بإطلاق نظام الإفصاح الإلكتروني بلغة XBRL ووصفته بإنه سيشكل نقلة نوعية في الافصاح عن البيانات المالية وغير المالية للشركات وسيرفع مستوى الافصاح والشفافية في السوق.
الشفافية ، هي الكلمة المفتاحية التي ترفعها كل إدارات سوق عمان المالي شعاراً لها ، ولكن للاسف ، على ارض الواقع، هي مجرد كلام نظري لا قيمة له والشواهد كثيرة .
ولا أدري وربما كثيرون مثلي لا يدركون، ما هو الدور الذي تقوم به البورصة فعلياً فيما يتعلق بالافصاحات ، فهل يقتصر دورها كما كان في السابق على ختم الافصاحات المرسل لها من قبل الشركات ونشرها على موقعها الالكتروني فقط ؟! دون التدقيق في محتوها ومتابعة ما تم تنفيذه لاحقاً عن نية بعض الشركات تنفيذ مشاريع ومذكرات تفاهم ،على شاكلة انشاء مصانع للسيارات والدبابات واجنحة الطائرات وغيرها الكثير ، حتى غدت تلك الافصاحات موضوع تندر وسخرية لدى عموم المتداولين والمستثمرين .
وحتى لا يكون موضوع المقال عاماً ، سأذكر لكم حادثة حدثت للتو ، حيث ارسلت البورصة ، مشكورة مأجورة ، بتاريخ 14 من هذا الشهر كتاباً لشركة انجاز للتنمية والمشاريع المتعددة تستعلم فيه عن سبب ارتفاع سهم الشركة ، فجاءها ” الخبر اليقين ” من الشركة في 17 من نفس الشهر ، بإنه ” نود إعلامكم بإنه لا يوجد أي بيانات أو امور جوهرية أو احداث هامة او قرارات أو توجهات ويعود ذلك للعرض والطلب ” ، كلام جميل ولا غبار عليه ،وعلى الرغم من النفي، بقي سهم الشركة يحقق ارتفاعات يوماً بعد يوم .
قديماً قالوا ، إذا عرف السبب بطل العجب ، وعجب ارتفاع السهم على الرغم من عدم وجود اية امور جوهرية كما نفت الشركة في افصاحها ، ان لدى مجموعة من المطلعين والاصحاب والاقران والاحباب كل ” الأمور الجوهرية” .
واليوم ،وفي هذا التاريخ يعني في اقل من اسبوع من الافصاح السابق ، تخرج علينا الشركة بإفصاح مفاده انها ” قامت بتوقيع عقد مع السادة وزارة المياه والري لعمل مشروع وتصميم خط ناقل تنقية مياه مجاري من محطة عين غزال الى محطة تنقية خربة السمراء بقيمة 35 مليون يورو بتمويل من البنك الاوروبي للانشاء والتعمير ، حيث سيتم إفتتاح المشروع غدا الساعة العاشرة صباحا “.
سبحان الله ، قبل اسبوع لم يكن هنالك لدى الشركة أية امور جوهرية ولا ما لا يحزنون ، وفجأة ، استيقضت الادارة التنفيذية للشركة في الصباح الباكرعلى مشروع ” صغير لا يذكر “، جاءها ” هدية من السماء” ، قيمته تعادل قيمة رأسمال الشركة !!
جميعنا نعلم المدة الزمنية التي يستغرقها هكذا مشروع ضخم من اجراءات ولقاءات ومذكرات ، خاصة وان الجهة الممولة هي البنك الاوروبي للانشاء والتعمير الذي لا يترك شاردة ولا واردة الا ومحصها ووقف عند ادق تفاصيلها .
هذا غيض من فيض لما يجري في سوق عمان . اليوم لم يعد مقبولاً ان تمرر مثل هذه الممارسات التي ضربت وتضرب بسمعة سوق عمان المالي وأدت الى خروج العديد من المستثمرين الاردنيين والعرب والصناديق الاجنبية من السوق ، اذ يتوجب على الادارة التنفيذية للبورصة وهيئة الاوراق المالية اذا ما كانتا جادتين ومسؤولتين ان تقفان بالمرصاد للمتلاعبين بمدخرات الاردنيين واستثماراتهم وان تكون ” الشفافية ” فعلا لا مجرد شعار.