كتب: نضال الزبيدي
جوردن ديلي – قبل نحو عام، كتبت مقالاً في أعقاب إعلان شركة البوتاس العربية لنتائجها المالية السنوية،حيث حققت الشركة آنذاك أرباحاً قياسية صافية وصلت الى 217 مليون دينار نهاية 2021.اليوم تعلن الشركة عن تحقيقها أرباحاً سنوية صافية، لا يمكن فقط وصفها بـ” قياسية”، إنما ” تاريخية” وصلت الى 601 مليون دينار عن نهاية أعمال السنة 2022.
أحد الاصدقاء، وهو مستثمر ومتداول في سوق عمان المالي،إتصل بي عندما أعلنت الشركة يوم الاثنين الماضي أنها ستقوم بتوزيع 180% من رأسمالها البالغ 83.3 مليون دينار ، أرباحاً نقدية على المساهمين.سأل مستغرباً: هل يعقل ان توزع الشركة فقط 150 مليون دينار على المساهمين ولديها هذه الارباح القياسية هذا العام،ما الذي يمنعها من توزيع نصف تلك الارباح البالغة 601 مليون دينار؟!
نعم من المعقول، أجبته.العديد من الشركات العالمية الكبرى لا تقوم بتوزيع أرباح على مساهميها، والبعض الآخر يوزع نسباً قليلة.السوق هو من يكافئ المستثمر الجيد ، من خلال الارباح الرأسمالية وليس من خلال التوزيعات النقدية.فالشركة الجيدة، حتى وان لم تمنح المساهمين والمتداولين أرباحاً نقدية مجزية،فأنها تعّوضهم من خلال ارتفاع سهم الشركة في السوق المالي.
في حالة البوتاس العربية،وأنا لست في موقع المسؤول والمطلع في الشركة، قرارها جيد ويصب في مصلحة المستثمرين، في ظل الاوضاع الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة، والارتفاع القياسي لأسعار الفائدة،بالاضافة الى نية الشركة للقيام ببعض المشاريع الرأسمالية بكلفة 1.2 مليار دينار، لجهة التوسع في عمليات الانتاج، فضلاً عن إعتبارات أخرى، لا أجد الوقت مناسباً للحديث عنها.
ولن استغرق كثيراً في الحديث عن الأرقام، فهي متوفرة ومتاحة للقارئ والمتابع والمستثمر على حدٍ سواء.الشركة بقيادة رئيس مجلس إدارتها المهندس شحادة أبو هديب، ورئيسها التنفيذي الدكتور معن النسور وبدعم من مجلس الادارة ، عزفت سيمفونية رائعة في الأداء الاستثنائي المبهر، على مستوى العمليات الإنتاجية والمبيعات، حيث بلغ حجم الإنتاج في العام 2022 ما يصل الى 2.6 مليون طن، وهو الأعلى في تاريخ الشركة منذ تأسيسها، كما حقَّقت نجاحاً غير مسبوق في تعظيم حصّتها السوقية، بفضل سياساتها التسويقية الحصيفة والفعّالة.
لقد استطاعت الشركة زيادة حصتها في أسواق رئيسة والدخول الى أسواق جديدة، حيث تصّدر الشركة الى السوق الأوروبي، وأسواق جديدة في جنوب شرق آسيا، واستراليا، والسوق البرازيلي، وهذا الأخير يعدُّ أحد أكبر ثلاثة أسواق مستهلكة للبوتاس على مستوى العالم.
العام الماضي ، زار وزير الزراعة البرازيلي شركة البوتاس العربية ، والتقى الادارة التنفيذية وبحث معها سبل وآفاق التعاون المستقبلي وسد حاجة البرازيل من الاسمدة ، حيث تعتمد البرازيل على الواردات في تأمين 85% من حاجاتها لتلك المادة. البوتاس الأحمر الحبيبي ، يعد عاملاً رئيساً في الدخول الى هكذا سوق مهم واستراتيجي.
ولعله من المفيد أن أذكر هنا،أن الشركة تعمل على تنفيذ مشروعين، توسيعاً لعملياتها الانتاجية :مشروع التوسع الشمالي الذي سيزيد القدرة الإنتاجية للشركة بما يعادل 140 ألف طن سنوياً، ومشروع التوسع الشرقي الذي سيزيد انتاج الشركة بما يصل من 120 ألف طن سنوياً ، وتتوقع الشركة ان يدخل هذين المشروعين مجال الانتاج عامي 2024 و 2025، فضلاً عن مشروع التوسع الجنوبي، اذا ما تم تنفيذه، فإنه سيزيد قدرة الشركة الإنتاجية بما يصل الى 550 ألف طن سنوياً.، بحسب توقعات الادارة التنفيذية للشركة.
إن ايمان القطاع الخاص بمسؤوليته تجاه موظفيه والمجتمع المحلي،عامل أساسي في نجاح الشركات وديمومة عملها، وتأسيساً على المبدأ الراسخ في سلم أولويات شركة البوتاس العربية،قدمت الشركة في نهاية عام 2022 ما يزيد عن 8 مليون في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، وذلك إنطلاقاً من مسؤوليتها المجتمعية.
تعتمد البلدان النامية ومنها الاردن،لسلامة اقتصادياتها ومرونة واوضاعها المالية، على احتياطياتها من النقد الاجنبي.شركة البوتاس العربية، عززت احتياطيات المملكة بنحو 2.4 مليار دولار أمريكي في العام 2022، فضلاً عن رفدها لخزينة الدولة بـ 417 مليون دينار أردني وبنسبة ارتفاع فاقت 165% عن العام 2021.أرقام، تعكس الحجم الكبير لمساهمة الشركة في دعم الاقتصاد الوطني ومنعته.شركة مناجم الفوسفات الاردنية، نموذخ آخر ساطع في هذا المجال.
وعوداً على بدء ،أقول لصديقي الذي لم ترق له نسبة التوزيعات: ان الاستثمار في الشركات التي تحقق معدلات نمو متزايدة ، هاجس المستثمرين وبوصلتهم على الدوام . شركة البوتاس العربية تُعد واحدة من أفضل الشركات التي تحقق نمواً مضطرداً في انتاجها وارباحها، على المستويين المحلي والاقليمي وربما العالمي أيضا، بفضل سياستها المرنة وقدرتها التسويقية، ودخولها الى أسواق جديدة واعدة.
إن الاوضاع الجيوسياسية والاقتصادية، ومسألة الأمن الغذائي وارتفاع الاسعار عالمياً، كلها عوامل واعدة وتحمل الشيء الكثير للشركة ولمساهميها.