كتب: ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جوردن ديلي – مقالتي ليوم غد ستكون بعنوان (مع كورونا طعم “النهج” تغير..!)، وأعتقد أن العنوان الأنسب لهذه المقالة هو (ويحدثونك عن تغيير النهج!!)، وهذا توضيح لمن يقتنع بالمقولة القديمة الجاهلة (المكتوب مبين من عنوانه)، بينما يتجاوز عن مضامينه حتى لو قرأها ألف مرة.
في السنوات الأخيرة تراجع اهتمامي بالكتابة عن الديوان الملكي، فالكتابة عن هذه المؤسسة محفوفة بأهواء وأمزجة عكرة وربما قاصرة في غرف التحرير الصحفي، يعني بخافوا يزعل عليهم موظف ما هناك، وحين يغضب عليهم فالدنيا تصبح “سودا” في عيون الخائفين
وغالبا ما يتم تصنيف الكتابات في فصل المدائح وتلميع الأشخاص هناك، وكثيرا ما سمعنا عبر السنوات الماضية عن عطايا لمادحين، ولأنني “ما بخاف” ولست من تبعين العطايا سأشير الى نموذج “حيّ”، يثبت بما لا يدع مجالا للشك، بأن تغيير نمط تفكير الناس، والسعي لتغيير “النهج” وللتغيير والإصلاح الإداري، ولاعتماد المؤسسية، يأتي بالدرجة الأولى من جلالة الملك، الذي حاول كثيرا وطرح مبادرات جريئة، لكنها تم الالتفاف عليها في كل مرة..
النموذج الحي الذي اتناوله هنا، هو رئيس الديوان الملكي الحالي، أعني العيسوي، قابلته مرة واحدة في الديوان، وكان في الجلسة طرفا ثالثا كنت وما زلت أعتبره “عالة” على كل شيء، إنسوا أمره، ودعونا نفكر بيننا وبين أنفسنا عن أداء مؤسسة الديوان الملكي في السنوات العجاف الأخيرة، ونقارن “بيننا وبين حالنا” أداء رؤساء الديوان، ولنحتفظ بالإستنتاجات لأنفسنا
فكثيرون منا سيزعجهم القول بأن أداء الديوان مع “العيسوي” يعتبر علامة فارقة، وما يتصرف العيسوي على هواه كما نعلم، فهو رئيس ديوان جلالة الملك، ولا يمكنه التصرف كالمسؤولين الآخرين في الديوان أو في المؤسسات الأخرى، فأي خطأ يرتكبه رئيس الديوان سيكون مؤثرا على الناس، ومرصودا بحساسية مفرطة.
الديوان الملكي وقع تحت ضغط كبير في السنوات الأخيرة، حيث الحكومات مرعوبة، ومكبلة حد الشلل، وبالكاد يتسنى لها إدارة ملف واحد من الملفات الكبيرة المطروحة على طاولة السلطات كلها، وهذا يزيد الأعباء على الديوان، ويعطل أعمال ومبادرات وتوجيهات الدولة التي يتبناها الملك، ويكلف الديوان بمتابعتها، ورغم كل هذه الضغوطات والظروف الحرجة، لم يتخل الديوان عن أدوار اجتماعية وطنية عرفها الأردنيون على امتداد الحكم الهاشمي (100 عام)، ولم تنحرف بوصلة الأداء لا يمينا ولا يسارا، وأنا متأكد أن هناك آلاف الأحداث والقصص التي تستحق الحديث، لكنني اعترفت لكم منذ البداية (أنا بطلت أكتب عن هذه المؤسسة وبطلت أتابعها).
ورغم هذا التحفظ الشخصي، ثمة أخبار تصلك رغما عنك، وتستنتج منها معان كثيرة، وتعطيك انطباعات جديدة أو تؤكد أو تنفي إنطباعات سابقة، فالعيسوي؛ قد يكون أكثر رئيس ديوان تعرض للأذى وللأخبار المسيئة، وأحيانا للمواقف المحرجة، التي ما كانت لتحدث لو لم يكن هذا الرجل رئيسا للديوان، فهناك كثيرون “استسهلوا” مهاجمة المحترمين، بينما لا يتوانى أحدهم عن مدح “عاهات” وفاسدين..
أنا لا أتحدث شخصنة هنا، بل أريد التأكيد بأن هذا الرجل هو واحد من عناوين تغيير النهج الى الأفضل، لكن قلة قليلة اليوم تتمتع بضمير وتنصف الناس، وحين أذكر آخر حادثة تعرض لها الرجل وصمت عنها كما صمت الجميع، هي ما حدث من اعتداء على سيارته في السلط كما قالت بعض الأخبار، حيث كان هناك غضب طبيعي يسيطر على الناس، وقاموا بمنع نواب من التواجد هناك، فنال جانب من الغضب سيارة العيسوي الذي ربما اعتقد الغاضبون بأنه نائب..
وحدثت قبلها مواقف مع الرجل نفسه، وتمت مهاجمته في مواقع التناحر الاجتماعي أكثر من مرة، ولم يتغير أداءه أو ينثني عزمه ووفاءه، وبقي محترما ثابتا يعامل الجميع بالطريقة نفسها، وهذا نموذج من المسؤولين احترف الالتزام مهما كانت خسائره الشخصية.
هذا دليل بسيط على التغيير الذي يجري بتوجيهات ملكية، لكن مع الأسف ثمة نهج آخر من التفكير الانتهازي والاقصائي (لا يتغير)، فكثيرون يؤمنون بمقولة “يا لعيب يا خريب”، وسبق لهم أن استفادوا من هذه الاستراتيجية، التي يكون آخر همها صلاح وطن أو بلد أو دولة، فهم لا يمكنهم رؤية رجل مسؤول ملتزم محترم أمين، يقوم بواجبه بكل تفان وإخلاص..
لن أستمر في الكتابة حتى لا أمدح أو أردح، فالرجل ليس صديقي ولا أعرفه وأتحفظ على كثير دار حوله لأنه محترم، جاء للمسؤولية في زمن لا يعترف بالمحترمين الملتزمين المخلصين لبلدهم ودولتهم.