جوردن ديلي – يختلف المستثمرون ومسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول مسار أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام، ما يوسع الفجوة بين توقعات صناع السياسة وتوقعات السوق.
تشير الأسواق إلى أن البنك المركزي سيتراجع ويعكس حملته التي استمرت لأشهر لرفع أسعار الفائدة، وهي الأشد حزما منذ ثمانينيات القرن الماضي. في المقابل يصر كبار مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على أن البنك المركزي لن يغير شيئا.
يعكس هذا الاختلاف التوقعات حول التضخم المستقبلي الذي تراجعت وتيرته في الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال مرتفعا بالمعايير التاريخية. بحسب بريا ميسرا، رئيسة استراتيجية الأسعار في شركة تي دي سيكيوريتيز “هناك انفصال واضح للغاية، وهو انفصال بشأن التضخم”.
صادق معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على رفع سعر فائدة الفيدرالي القياسية فوق 5 في المائة والحفاظ على هذا المستوى حتى نهاية العام على الأقل، من أجل تهدئة الاقتصاد بما يكفي للسيطرة على التضخم.
تشير أسواق العقود الآجلة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيتوقف، وسيحدد سقف أسعار سياسته بين 4.75 في المائة و5 في المائة، قبل تنفيذ تخفيضات بواقع نصف نقطة مئوية من مستويات الذروة بحلول كانون الأول (ديسمبر). وبحلول نهاية عام 2024 سينخفض سعر فائدة الأموال الفيدرالية إلى 2.8 في المائة، وفقا لأسعار السوق، أي تقريبا نقطة مئوية كاملة أقل مما توقعه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في كانون الأول (ديسمبر).
تكاثرت الرهانات على معدلات الفائدة المنخفضة مع تخفيض المستثمرين توقعاتهم للتضخم. معدل مقايضة التضخم في الولايات المتحدة لمدة عام، وهو عقد مشتقات يعكس توقعات التضخم لعام من الآن، بلغ الجمعة الماضي 1.77 في المائة، وهو أدنى مستوى له في أكثر من عامين، وفقا لشركة رفينيتيف لتزويد المعلومات.
مقياس سوق آخر يسمى معدل التضخم المتعادل لمدة عام واحد، يقف حاليا عند 2 في المائة ،وفقا لأجاي راجادياكشا، الرئيس العالمي للأبحاث في “باركليز”، “السوق تعتقد حقا أن التضخم سينخفض بسرعة أكبر مما يتوقعه بنك الاحتياطي الفيدرالي. وبنك الاحتياطي الفيدرالي يعتقد أنه من الصعب للغاية أن ينخفض التضخم دون أن تضعف سوق العمل، لكن السوق غير مقتنعة”.
سعى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى كبح التكهنات بأنهم سيغيرون المسار قريبا، على الرغم من أن بعضهم يفضل إبطاء معدل الزيادة إلى ربع نقطة مئوية في اجتماعهم المقبل الذي ينتهي في اليوم الأول من شباط (فبراير) المقبل.
ففي الأسبوع الماضي كرر كبار صانعي السياسة -بمن فيهم لايل برينارد نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وجون ويليامز من الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك- القول “إن البنك المركزي سيواصل المسار بشأن زيادة أسعار الفائدة”.
المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي للتضخم -مؤشر أسعار النفقات الاستهلاكية الشخصية الأساسي- يقف عند 4.5 في المائة، منخفضا عن ذروته التي بلغت 5.4 في المائة في العام الماضي، لكنه يزيد عن ضعف هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.
يهتم مصرفيو البنك المركزي بشكل رئيس بالتضخم في قطاع الخدمات، الذي يخشون أن يستغرق التخلص منه وقتا أطول مما يستغرقه التخلص من ضغوط الأسعار المرتبطة بصدمة السلع التي أطلقتها الحرب في أوكرانيا وانسدادات سلاسل التوريد المرتبطة بجائحة كوفيد – 19.
كريستوفر وولر، وهو محافظ في الاحتياطي الفيدرالي، قال”لا نريد أن نربك الأسواق”، مضيفا “التضخم لن يتلاشى بأعجوبة. خفض التضخم سيكون عملا شاقا، وبطيئا، وصعبا، بالتالي يتعين علينا إبقاء أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول وعدم البدء في خفضها بحلول نهاية العام”.
في الجانب الآخر، توقعات السوق لا تعني الإجماع في وول ستريت. قال رون أوهانلي، الرئيس التنفيذي لبنك ستيت ستريت الأمريكي “لا أعتقد أن هناك تخفيضا في أسعار الفائدة في عام 2023″، وأضاف “ستكون هناك وتيرة معتدلة لزيادة الأسعار”.
مع ذلك، اهتم كثير من المستثمرين بالبيانات الأخيرة التي تظهر تباطؤ النشاط الاقتصادي وعلامات أخرى على أن إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بدأ يتضرر.
قال كافي جوبتا، الرئيس المشارك لتداول أسعار الفائدة في بانك أوف أمريكا، “السوق تحتسب تخفيضات في الأسعار، لأن هناك قناعة كبيرة بأن البيانات ستصبح ضعيفة”.
أحدث بيانات التوظيف الأمريكية، التي أظهرت تباطؤا في نمو الأجور، أضافت إلى قناعة السوق أن التضخم سينخفض بشكل كبير.
وفقا لإريك فينوجراد، وهو خبير اقتصادي في شركة ألاينس بيرنشتاين، بيانات الوظائف والأجور هي “آخر شيء تحتاج إلى رؤيته لتقتنع بأن الانخفاض في التضخم مستدام”، وأضاف “هناك كثير من الأمل الكامن في توقعات السوق بشأن انخفاض سريع في التضخم”.